المحلي بالاثار (صفحة 5187)

بِذَلِكَ كَافِرًا، لَكِنْ كَسَائِرِ الذُّنُوبِ، مِنْ الزِّنَا، وَالْقَتْلِ، وَالْغَصْبِ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ، وَالْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ، وَتَرْكِ الصَّلَاةِ، وَتَرْكِ الزَّكَاةِ، وَتَرْكِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَتَرْكِ الْحَجِّ: فَهَذَا لَا يَكُونُ كَافِرًا، لِمَا قَدْ تَقَصَّيْنَاهُ فِي " كِتَابِ الْفَصْلِ " وَغَيْرِهِ. وَيَجْمَعُ الْحُجَّةَ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ فَاعِلُ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْعَظَائِمِ كَافِرًا بِفِعْلِهِ ذَلِكَ، لَكَانَ مُرْتَدًّا بِلَا شَكٍّ، وَلَوْ كَانَ بِذَلِكَ مُرْتَدًّا لَوَجَبَ قَتْلُهُ، لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلِ مَنْ ارْتَدَّ، وَبَدَّلَ دِينَهُ - وَهَذَا لَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّنَا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَنْ عَصَى بِغَيْرِ الْكُفْرِ لَا يَكُونُ مُحَارِبًا لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قُلْنَا لَهُ: وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ - فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 278 - 279] الْآيَةَ. كَتَبَ إلَيَّ أَبُو الْمُرَجَّى بْنُ ذَرْوَانَ قَالَ: نا أَبُو الْحَسَنِ الرَّحَبِيُّ نا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَاتِبُ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُغَلِّسِ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ نا أَبِي نا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ الْخَيَّاطُ نا عَبْدُ الْوَاحِدِ - مَوْلَى عُرْوَةَ - عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ آذَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ اسْتَحَلَّ مُحَارَبَتِي» . وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات: 9] إلَى قَوْلِهِ {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: 10] . وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» فَصَحَّ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ عَاصٍ مُحَارِبًا، وَلَا كُلُّ مُحَارِبٍ كَافِرًا، ثُمَّ نَظَرْنَا فِي ذَلِكَ أَيْضًا، فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى قَدْ حَكَمَ فِي الْمُحَارِبِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْقَتْلِ، أَوْ الصَّلْبِ، أَوْ قَطْعِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلِ مِنْ خِلَافٍ، أَوْ النَّفْيِ مِنْ الْأَرْضِ -

طور بواسطة نورين ميديا © 2015