فَهَكَذَا فِي كُلِّ شَيْءٍ - وَإِنْ وَقَعَ شَكٌّ - أَسَمِعَ الْقَذْفَ، أَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ - وَفَهِمَهُ، أَوْ لَمْ يَفْهَمْهُ: فَلَا حَدَّ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَهُمَ وَيَظُنُّ أَنَّهُ قَالَ كَلَامًا آخَرَ. وَهَكَذَا فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ. وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» فَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَنْ يُسْتَبَاحَ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَا إلَّا بِيَقِينٍ لَا إشْكَالَ فِيهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
2251 - مَسْأَلَةٌ: مَنْ قَالَ لِآخَرَ: فَجَرْتَ بِفُلَانَةَ، أَوْ قَالَ: فَسَقْت بِهَا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيَّ، وَأَصْحَابَهُمَا قَالُوا: لَا حَدَّ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنْ كَانَ لِهَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ وَجْهٌ غَيْرُ الزِّنَا فَكَمَا قَالُوا، وَإِنْ كَانَ لَا يُفْهَمُ مِنْهُمَا غَيْرُ الزِّنَا فَالْحَدُّ فِي ذَلِكَ؟ فَلَمَّا نَظَرْنَا فِيهِمَا وَجَدْنَاهُمَا يَقَعَانِ عَلَى إتْيَانِهَا فِي الدُّبُرِ - فَسَقَطَ الْحَدُّ فِي ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: جَامَعْتهَا حَرَامًا، وَلَا فَرْقَ قَالَ عَلِيٌّ: فَلَوْ أَخْبَرَ بِهَذَا عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ مُعْتَرِفًا بِالزِّنَا كَمَا ذَكَرْنَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
2252 - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ قَالَ لِآخَرَ: زَنَيْتِ - بِكَسْرِ التَّاءِ - أَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ: زَنَيْتَ - بِفَتْحِ التَّاءِ - فَإِنْ كَانَ غَيْرَ فَصِيحٍ: حُدَّ وَلَا بُدَّ. وَإِنْ كَانَ فَصِيحًا يُحْسِنُ هَذَا الْمِقْدَارَ مِنْ الْعَرَبِيَّةِ سُئِلَ: مَنْ خَاطَبْت؟ فَإِنْ قَالَ: خَاطَبْت غَيْرَهَا، أَوْ قَالَ: خَاطَبْت غَيْرَهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّ خِطَابَ الْمُؤَنَّثِ لَا يَكُونُ إلَّا بِكَسْرِ التَّاءِ، فَإِذَا خَاطَبَهَا بِفَتْحِ التَّاءِ فَلَمْ يُخَاطِبْهَا، وَخِطَابُ الرَّجُلِ بِفَتْحِ التَّاءِ، فَإِذَا خَاطَبَهُ بِكَسْرِهَا فَلَمْ يُخَاطِبْهُ - وَإِنْ أَقَرَّ: أَنَّهُ خَاطَبَهَا بِذَلِكَ، حُدَّ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قَاذِفٌ لَهَا - بِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
2253 - مَسْأَلَةٌ: مَنْ قَذَفَ إنْسَانًا قَدْ زَنَى الْمَقْذُوفُ وَعُرِفَ أَنَّهُ صَادِقٌ فِي ذَلِكَ - فَجَمِيعُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ طَلَبُهُ بِذَلِكَ الْحَدِّ - إلَّا مَالِكًا فَإِنَّهُ قَالَ: لَهُ طَلَبُهُ