فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا حَدَّ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ قَذْفًا. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا، فَلَا يُلَاعِنُ بِهَذَا.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُوَ قَذْفٌ، وَيُحَدُّ، وَيُلَاعِنُ الزَّوْجَ؟
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: احْتَجَّ مَنْ رَآهُ قَذْفًا بِمَا نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْمَنْكِيُّ قَالَ: نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ نا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَزَّارُ نا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ الطُّوسِيُّ نا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ نا أُبَيٌّ عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: وَذَكَرَ طَلْحَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ امْرَأَةً مِنْ بَنِي الْعَجْلَانِ فَبَاتَ عِنْدَهَا لَيْلَةً فَلَمَّا أَصْبَحَ لَمْ يَجِدْهَا عَذْرَاءَ فَرَفَعَ شَأْنَهَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَا الْجَارِيَةَ، فَقَالَتْ: بَلْ كُنْت عَذْرَاءَ، فَأَمَرَ بِهِمَا فَتَلَاعَنَا، وَأَعْطَاهَا الْمَهْرَ» قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُهُ رُوِيَ إلَّا مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ؟
قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا - أَنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ لَمْ يَصِحَّ سَمَاعُهُ لِذَلِكَ مِنْ طَلْحَةَ، فَهُوَ مُنْقَطِعٌ.
وَالثَّانِي - أَنَّ طَلْحَةَ هَذَا لَمْ يَنْسُبْهُ وَهُوَ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - طَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو الْمَكِّيُّ، فَهُوَ الَّذِي يَرْوِي عَنْ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ مَشْهُورٌ بِالْكَذِبِ، وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَجْهُولٌ - فَسَقَطَ التَّعَلُّقُ بِهَذَا الْخَبَرِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَذَهَابُ الْعُذْرَةِ يَكُونُ بِغَيْرِ الزِّنَى، أَوْ بِغَيْرِ وَطْءٍ كَوَقْعَةٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَهَابُ الْعُذْرَةِ زِنًى لَمْ يَكُنْ الرَّمْيُ بِهِ رَمْيًا، وَلَا قَذْفًا، فَإِذْ لَيْسَ رَمْيًا وَلَا قَذْفًا فَلَا حَدَّ فِيهِ، وَلَا لِعَانَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا جَعَلَ الْحَدَّ وَاللِّعَانَ بِالزِّنَى، لَا بِمَا سِوَاهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ - هُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ - وَبِهَذَا نَقُولُ.