مَسْأَلَةٌ: قَذْفُ الْمُؤْمِنَاتِ مِنْ الْكَبَائِرِ، وَتَعَرُّضُ الْمَرْءِ لِسَبِّ أَبَوَيْهِ مِنْ الْكَبَائِرِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: 31] الْآيَةَ.
وَقَالَ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ} [الشورى: 37] الْآيَةُ.
وَكَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ ني هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ نا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاَللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ» .
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} [النور: 23] الْآيَةَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَصَحَّ أَنَّ قَذْفَ الْمُؤْمِنَاتِ الْمُحْصَنَاتِ الْبَرِيئَاتِ مِنْ الْكَبَائِرِ الْمُوجِبَةِ لِلَّعْنَةِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالْعَذَابِ الْعَظِيمِ فِي الْآخِرَةِ، وَدَخَلَ فِيهَا قَذْفُ الْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ دُخُولًا مُسْتَوِيًا، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَخُصَّ مُؤْمِنَةً مِنْ مُؤْمِنَةٍ.
وَبَقِيَ قَذْفُ الْكَافِرَةِ فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: 4] الْآيَةَ - فَهَذَا عُمُومٌ تَدْخُلُ فِيهِ الْكَافِرَةُ وَالْمُؤْمِنَةُ، فَوَجَبَ أَنَّ قَاذِفَهَا فَاسِقٌ إلَّا أَنْ يَتُوبَ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ نا شُعْبَةُ نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: سَمِعْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ «ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْكَبَائِرَ، وَسُئِلَ عَنْ الْكَبَائِرِ؟ فَقَالَ: الشِّرْكُ بِاَللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ - قَالَ: أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، قَوْلُ الزُّورِ - أَوْ قَالَ: شَهَادَةُ الزُّورِ» قَالَ شُعْبَةُ: وَأَكْبَرُ ظَنِّي أَنَّهُ قَالَ - شَهَادَةُ الزُّورِ ".