المحلي بالاثار (صفحة 4993)

الْآخِرَةِ فَقَطْ، وَأَمَّا بِالْحُدُودِ فَإِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا شَاءَ، وَلَمْ يُخْبِرْنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهَا لِلرَّدْعِ، وَلَوْ كَانَتْ لِلرَّدْعِ كَمَا تَدَّعُونَ لَكَانَ أَلْفُ سَوْطٍ أَرْدَعَ مِنْ مِائَةٍ وَمِنْ ثَمَانِينَ، وَمِنْ أَرْبَعِينَ، وَمِنْ خَمْسِينَ، وَلَكَانَ قَطْعُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ أَرْدَعَ مِنْ قَطْعِ يَدٍ وَاحِدَةٍ، وَلَكُنَّا نَقُولُ: هِيَ نَكَالٌ وَعُقُوبَةٌ، وَعَذَابٌ، وَجَزَاءٌ، وَخِزْيٌ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمُحَارَبَةِ {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ} [المائدة: 33] الْآيَةَ

وَقَالَ تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25]

وَقَالَ تَعَالَى فِي الْقَاذِفِ {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا} [النور: 19] الْآيَةَ

وَقَالَ تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ} [المائدة: 38] الْآيَةَ

وَقَالَ تَعَالَى {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: 2] الْآيَةَ وَإِنَّمَا التَّسْمِيَةُ فِي الدِّينِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، لَا إلَى النَّاسِ

فَصَحَّ أَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَهَا كَمَا شَاءَ حَيْثُ شَاءَ، وَلَمْ يَجْعَلْهَا حَيْثُ لَمْ يَشَأْ

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَإِذْ قَدْ صَحَّ مَا ذَكَرْنَا، وَصَحَّ مِقْدَارُ الضَّرْبِ الَّذِي لَا يَتَجَاوَزُ، فَقَدْ صَحَّ أَنَّ مَنْ تَجَاوَزَ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ فَإِنَّهُ مُتَعَدٍّ لِحُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ عَاصٍ بِذَلِكَ، وَلَا تَنُوبُ مَعْصِيَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ طَاعَتِهِ، فَإِذْ هُوَ مُتَعَدٍّ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} [البقرة: 194] الْآيَةَ فَضَرْبُ التَّعَدِّي لَا يَتَبَعَّضُ بِلَا شَكٍّ، فَإِذْ لَا يَتَبَعَّضُ - وَهُوَ مَعْصِيَةٌ - فَبَاطِلٌ أَنْ يُجْزِيَ عَنْ الْحَدِّ الَّذِي هُوَ طَاعَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى فَيُقْتَصُّ لَهُ مِنْهُ، ثُمَّ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَا بُدَّ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ

[مَسْأَلَة بِأَيِّ شَيْءٍ يَكُونُ الضَّرْبُ فِي الْحَدِّ]

2193 - مَسْأَلَةٌ: بِأَيِّ شَيْءٍ يَكُونُ الضَّرْبُ فِي الْحَدِّ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَمَّا أَهْلُ الرَّأْيِ، وَالْقِيَاسِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: الْحُدُودُ كُلُّهَا بِالسَّوْطِ، إلَّا الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: إلَّا الْخَمْرُ، فَإِنَّهُ يُجْلَدُ فِيهَا بِمَا صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ جَلَدَ فِيهَا

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: احْتَجَّ مَنْ رَأَى الْجَلْدَ بِالسَّوْطِ وَلَا بُدَّ فِي الْحُدُودِ: بِمَا أَنَا حُمَامٌ أَنَا ابْنُ مُفَرِّجٍ أَنَا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ أَنَا الدَّبَرِيُّ أَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015