قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذَا أَثَرٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ، لَا مَغْمَزَ فِيهِ، رَوَاهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، بِالْأَسَانِيدِ التَّامَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا.
وَرَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ، وَحُمَيْدٌ: ابْنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ أَخُو سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَهَمَّامُ بْنُ مُنَبِّهٍ.
وَرَوَاهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عِكْرِمَةُ، وَعَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.
وَرَوَاهُ عَنْ هَؤُلَاءِ: النَّاسُ، فَهُوَ نَقْلٌ تَوَاتَرَ يُوجِبُ صِحَّةَ الْعِلْمِ، وَذُكِرَ فِيهِ كَمَا أَوْرَدْنَا: الْقَتْلُ، وَالزِّنَى، وَالْخَمْرُ، وَالسَّرِقَةُ، وَالنُّهْبَةُ، وَالْغُلُولُ.
فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِهِ، وَمَا هُوَ هَذَا الْإِيمَانُ الَّذِي يُزَايِلُهُ حِينَ مُوَاقَعَتِهِ هَذِهِ الذُّنُوبَ: فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُسْنَدًا كَمَا أَوْرَدْنَا آنِفًا أَنَّهُ يُخْلَعُ مِنْهُ الْإِيمَانُ كَمَا يُخْلَعُ سِرْبَالُهُ فَإِذَا رَجَعَ رَجَعَ إلَيْهِ الْإِيمَانُ.
وَرُوِّينَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا أَوْرَدْنَا أَنَّهُ فَسَّرَ انْتِزَاعَ الْإِيمَانِ مِنْهُ: بِأَنْ شَبَّكَ أَصَابِعَ يَدَيْهِ بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ، ثُمَّ زَايَلَهَا قَالَ: وَهَكَذَا، ثُمَّ رَدَّهَا وَقَالَ: فَإِذَا تَابَ عَادَ إلَيْهِ.
وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا فِي ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَعْرِضُ عَلَى مَمْلُوكِهِ الْبَاءَةَ، وَيَقُولُ: مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ زَوَّجْته؟ فَإِنَّهُ لَا يَزْنِي زَانٍ إلَّا نَزَعَ اللَّهُ مِنْهُ رِبْقَةَ الْإِيمَانِ، فَإِنْ شَاءَ أَنْ يَرُدَّهُ إلَيْهِ رَدَّهُ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَمْنَعَهُ مَنَعَهُ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ نا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْت عَطَاءً يَقُولُ: سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ حِينَ يَزْنِي، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَهُوَ مُؤْمِنٌ حِينَ يَشْرَبُ - قَالَ: لَا أَعْلَمُهُ إلَّا قَالَ: وَإِذَا اعْتَزَلَ خَطِيئَتَهُ رَجَعَ إلَيْهِ الْإِيمَانُ - قَالَ: فَرَاجَعْته؟ فَقَالَ: لَا أَعْلَمُهُ إلَّا قَالَ: فَيُنْتَزَعُ مِنْهُ الْإِيمَانُ مَا دَامَ عَلَى خَطِيئَتِهِ، فَإِذَا فَارَقَهَا رَجَعَ إلَيْهِ الْإِيمَانُ.
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ سَمِعَ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ