وَقَالَ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالْحَسَنُ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابُنَا: لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ فِي الْغَرَامَةِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَمَا عَجَزَتْ عَنْهُ الْعَاقِلَةُ فَهُوَ فِي مَالِهِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَلَمَّا اخْتَلَفُوا وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِيمَا احْتَجَّتْ بِهِ كُلُّ طَائِفَةٍ لِقَوْلِهَا -: فَوَجَدْنَا الْمُوجِبِينَ عَلَى الْقَاتِلِ خَطَأً أَنْ يَغْرَمَ مَعَ عَاقِلَتِهِ يَقُولُونَ: إنَّ سَعْدَ بْنَ طَارِقٍ رَوَى عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُعَيْمٍ أَنَّهُ قَالَ: قَتَلْتُ يَوْمَ الْيَمَامَةِ رَجُلًا ظَنَنْته كَافِرًا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي مُسْلِمٌ بَرِيءٌ مِمَّا جَاءَ بِهِ مُسَيْلِمَةُ، قَالَ: فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: الدِّيَةُ عَلَيْك وَعَلَى قَوْمِك.
قَالُوا: وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مِنْ السَّلَفِ مُخَالِفٌ.
وَقَالُوا: إنَّمَا الْغُرْمُ عَلَى الْعَاقِلَةِ تَغْرَمُ عَنْهُ عَلَى وَجْهِ النُّصْرَةِ لَهُ، فَهُوَ أَوْلَى بِذَلِكَ فِي نَفْسِهِ - مَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً غَيْرَ هَذَا، وَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، فَوَجَدْنَاهُ لَا حُجَّةَ لَهُ أَصْلًا، لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا مِنْ سُنَّةٍ، وَلَا مِنْ قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلَا تَابِعٍ، وَلَا قِيَاسٍ، وَلَا وَجَدْنَاهُ لِأَحَدٍ قَبْلَهُ - فَسَقَطَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قَوْلِ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ حَكَمَ بِالدِّيَةِ عَلَى عَصَبَةِ الْعَاقِلَةِ: كَمَا رُوِّينَاهُ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ نا قُتَيْبَةُ - هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ - نا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: «قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لِحْيَانَ سَقَطَ مَيِّتًا بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، ثُمَّ إنَّ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا» .
وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ نا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نَضْلَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: «ضَرَبَتْ امْرَأَةٌ ضَرَّتَهَا بِعَمُودِ فُسْطَاطٍ فَقَتَلَتْهَا وَإِحْدَاهُمَا لِحْيَانِيَّةٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دِيَةَ