المحلي بالاثار (صفحة 4801)

[مَسْأَلَةٌ كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ]

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ نا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ نا أَبُو دَاوُد نا الْقَعْنَبِيُّ نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ - هُوَ الدَّرَاوَرْدِيُّ - عَنْ سَعْدٍ - هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ - عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَذَا لَا يُسْنَدُ إلَّا مِنْ طَرِيقِ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَخِي يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ - وَهُمْ ثَلَاثَةُ إخْوَةٍ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ إمَامٌ ثِقَةٌ، وَعَبْدُ رَبِّهِ بْنُ سَعِيدٍ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَيْسَ بِالْهُنَالِكَ فِي الْإِمَامَةِ، وَسَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا لَا يُحْتَجُّ بِهِ - لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، فَبَطَلَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلَوْ صَحَّ لَقُلْنَا بِهِ فِي كَسْرِ الْعَظْمِ خَاصَّةً، وَلَمَّا كَانَ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إنَّ هَذَا فِي الْحُرْمَةِ مَعْنًى؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَكُونُ دَعْوَى بِلَا دَلِيلٍ، وَتَخْصِيصًا بِلَا بُرْهَانٍ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَمَنْ جَرَحَ مَيِّتًا، أَوْ كَسَرَ عَظْمَهُ، أَوْ أَحْرَقَهُ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ - أَمَّا الْقَتْلُ فَلَا شَكَّ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَاتِلًا - وَأَمَّا الْجُرْحُ وَالْكَسْرُ، فَلَوْ وُجِدَ فِيهِ خِلَافٌ لَوَجَبَ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ عُدْوَانٌ - وَإِنْ صَحَّ الْإِجْمَاعُ فِي أَنْ لَا قَوَدَ فِي ذَلِكَ وَجَبَ الْوُقُوفُ عِنْدَ الْإِجْمَاعِ، وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] وَهَذَا جُرْحٌ وَجَارِحٌ.

وَقَالَ تَعَالَى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40] ، وَقَالَ تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] ، وَهَذَا الْفِعْلُ بِالْمَيِّتِ سَيِّئَةٌ وَاعْتِدَاءٌ، فَالْقِصَاصُ وَاجِبٌ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ إجْمَاعٌ.

فَإِنْ قِيلَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} [المائدة: 45] وَقَالَ تَعَالَى {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40] فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لِلْحَيِّ؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015