قَالَ عَلِيٌّ: فَإِذَا هَذَا كَذَلِكَ فَظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنَى مَنْ أَخَّرَ صَلَاةً لَا يَحِلُّ تَأْخِيرُهَا إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْعَصْرِ بِلَا شَكٍّ [لَكِنْ فِي الظُّهْرِ الْمُتَعَيِّنُ تَحْرِيمُ تَأْخِيرِهَا إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ] كَمَا أَخْبَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّ التَّفْرِيطَ فِي الْيَقَظَةِ: أَنْ تُؤَخَّرَ صَلَاةٌ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ أُخْرَى؟ .
فَإِنْ قَالُوا فِي خَبَرِ أَنَسٍ «جَلَسَ يَرْقُبُ وَقْتَ الْعَصْرِ» ، قُلْنَا: نَعَمْ، وَإِذَا أَخَّرَ الظُّهْرَ إلَى وَقْتِ الْعَصْرِ رَاقِبًا لِلْعَصْرِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ تَعَالَى؛ فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهَذَا أَيْضًا - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَحُجَّةٌ لَنَا عَلَيْهِمْ ظَاهِرَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْنِ بِيَقِينٍ إلَّا صَلَاةَ الْجُمُعَةِ تُؤَخَّرُ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ بِقَوْلِهِ: «يُطِيلُونَ الْخُطْبَةَ وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ» .
وَأَيْضًا - فَإِنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَجَازَ التَّطَوُّعَ مَعَهُمْ إذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ نَفْسِهِ؛ فَصَحَّ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ مُوَافِقٌ لَنَا فِي هَذَا؟ .
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ فَكَذَلِكَ أَيْضًا، وَهُوَ خَبَرٌ مُوَافِقٌ لَنَا - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
لِأَنَّهُ نَصُّهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا» ، وَقَدْ صَحَّ أَنَّ مَا لَمْ تَغْرُبْ الشَّمْسُ فَهُوَ وَقْتٌ لِلدُّخُولِ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ، وَمَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ فَهُوَ وَقْتٌ لِلدُّخُولِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ - فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِجَمِيعِ الْآثَارِ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ؟ .
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ: لَعَلَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ» كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ -: فَخَطَأٌ؛ لِأَنَّ " لَعَلَّ " لَا حُكْمَ لَهَا، وَإِنَّمَا هِيَ ظَنٌّ؟ .