الصَّلَاةَ؛ لِيَزُولُوا عَنْ الْمَكَانِ الَّذِي أَصَابَتْهُمْ فِيهِ الْغَفْلَةُ، وَحَضَرَهُمْ فِيهِ الشَّيْطَانُ فَقَطْ، لَا لِأَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَكُنْ ارْتَفَعَتْ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهَا حِينَئِذٍ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ؛ فَالْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذَا تَخْدِيشٌ فِي الرُّخَامِ وَلَمْ يَقُلْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: إنَّ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ مِنْ أَجْلِ كَوْنِ الشَّمْسِ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ؛ وَإِنَّمَا قَالَ: «مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ» وَحُضُورُ الشَّيْطَانِ فِي مَنْزِلِ قَوْمٍ هُوَ - بِلَا شَكٍّ مِنْ كُلِّ ذِي فَهْمٍ - غَيْرُ كَوْنِ الشَّمْسِ بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّيْطَانِ فَظَهَرَ كَذِبُ هَذَا الْقَائِلِ يَقِينًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ؟ .
وَوَجْهٌ رَابِعٌ هُوَ: أَنَّهُ حَتَّى لَوْ صَحَّ لَهُمْ أَنَّ تَرَدُّدَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تَكُنْ ابْيَضَّتْ بَعْدُ -، وَهَذَا لَا يَصِحُّ أَبَدًا - لَكَانَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ نَفْسِهِ بَعْدَ صَلَاتِهِ بِهِمْ «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» .
وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِ الرُّوَاةِ «فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَذْكُرُهَا» نَاسِخًا لِفِعْلِهِ فِي تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَهُ؟ .
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا جَعَلْتُمُوهُ نَاسِخًا لِتَحَوُّلِهِمْ عَنْ الْمَكَانِ؟ .
قُلْنَا: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «إذَا ذَكَرَهَا» وَ «حِينَ يَذْكُرُهَا» قَصْدٌ مِنْهُ إلَى زَمَانِ تَأْدِيَتِهَا؛ وَلَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ لِمَكَانِ تَأْدِيَتِهَا؛ فَلَا يَكُونُ لِمَا لَيْسَ فِيهِ خِلَافٌ بِحُكْمِهِ أَصْلًا، وَهَذَا غَايَةُ الْحَقِيقَةِ وَالْبَيَانِ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ؟ .
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ «تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ» فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ أَصْلًا؛ لِوُجُوهٍ -: