المحلي بالاثار (صفحة 466)

تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ فَصَلِّ، فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ» . وَقَالُوا: صَحَّ نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّلَاةِ جُمْلَةً فِي الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ، وَنَهْيُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ الصِّيَامِ جُمْلَةً فِي يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ الْأَضْحَى وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَصَحَّ أَمْرُهُ بِقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ مَنْ نَامَ عَنْهَا أَوْ نَسِيَهَا، وَبِالنَّذْرِ، وَبِمَا ذَكَرْتُمْ مِنْ النَّوَافِلِ، وَبِقَضَاءِ الصَّوْمِ لِلْحَائِضِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، وَالنَّذْرِ وَالْكَفَّارَاتِ -: فَلَمْ تَخْتَلِفُوا مَعَنَا فِي أَنْ لَا يُصَامَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْأَيَّامِ الْمَنْهِيِّ عَنْ صِيَامِهَا، وَغَلَّبْتُمْ: النَّهْيَ عَلَى الْأَمْرِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ فِي نَهْيِهِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ، مَعَ أَمْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِمَا أَمَرَ بِهِ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَقَضَائِهَا، وَإِلَّا فَلِمَ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ النَّهْيَيْنِ وَالْأَمْرَيْنِ؟ فَغَلَّبْتُمْ فِي الصَّوْمِ: النَّهْيَ عَلَى الْأَمْرِ، وَغَلَّبْتُمْ فِي الصَّلَاةِ: الْأَمْرَ عَلَى النَّهْيِ؟ وَهَذَا تَحَكُّمٌ لَا يَجُوزُ؟ .

وَقَالُوا: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِيمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَمِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ طُلُوعِ [الشَّمْسِ] ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ: قَبْلَ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَذْكُورَةِ؟ .

قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا كُلُّ مَا اعْتَرَضُوا بِهِ، مَا لَهُمْ اعْتِرَاضٌ غَيْرُهُ أَصْلًا، وَلَسْنَا نَعْنِي أَصْحَابَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّهُمْ لَا مُتَعَلِّقَ لَهُمْ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا، إذْ لَيْسَ مِنْهَا خَبَرٌ إلَّا وَقَدْ خَالَفُوهُ، وَتَحَكَّمُوا فِيهِ بِالْآرَاءِ الْفَاسِدَةِ، وَإِنَّمَا نَعْنِي مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي تَغْلِيبِ النَّهْيِ جُمْلَةً فَقَطْ.

قَالَ عَلِيٌّ: وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَا مُتَعَلِّقَ لِلْمَالِكِينَ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ الْآثَارِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ إلَّا وَقَدْ خَالَفُوهُ، وَتَحَكَّمُوا فِيهِ، وَحَمَلُوا بَعْضَهُ عَلَى الْفَرْضِ، وَبَعْضَهُ عَلَى التَّطَوُّعِ بِلَا بُرْهَانٍ، وَإِنَّمَا نَعْنِي مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي تَغْلِيبِ الْأَمْرِ جُمْلَةً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015