وَكُلَّ مَنْ مَعَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَا يَرَوْنَ طُلُوعَ الشَّمْسِ يَقْطَعُ صَلَاةَ مَنْ طَلَعَتْ عَلَيْهِ، وَهُوَ يُصَلِّي الصُّبْحَ.
وَالْعَجَبُ مِنْ الْحَنَفِيِّينَ الَّذِينَ يَرَوْنَ إنْكَارَ عُمَرَ عَلَى عُثْمَانَ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ تَرَكَ غُسْلِ الْجُمُعَةِ حُجَّةً فِي سُقُوطِ وُجُوبِ الْغُسْلِ لَهَا - وَهَذَا ضِدُّ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إنْكَارُ عُمَرَ -: ثُمَّ لَا يَرَوْنَ تَجْوِيزَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَإِنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ: حُجَّةً فِي ذَلِكَ.
بَلْ خَالَفُوا جَمِيعَ مَا جَاءَ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ مِنْ مُبِيحٍ وَمَانِعٍ وَخَالَفُوا أَبَا بَكْرَةَ فِي تَأْخِيرِ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ قَالَ مِنْ الصَّحَابَةِ بِالتَّطَوُّعِ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَمَنْ أَمَرَ بِالْإِعَادَةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَإِلَى صُفْرَةِ الشَّمْسِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ هَذِهِ فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ؟ .
وَرُوِّينَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي تُنْسَى، قَالَ: يُصَلِّيهَا حِينَ يَذْكُرُهَا، وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتٍ تُكْرَهُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَمِثْلُهُ أَيْضًا عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَغَيْرِهِمْ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيق يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ: ثنا شُعْبَةُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: سَمِعْت سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ: إنَّ أَبَاهُ كَانَ يَطُوفُ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَبَعْدَ الْغَدَاةِ ثُمَّ يُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ.
قَالَ مُوسَى: وَكَانَ نَافِعٌ يَكْرَهُ ذَلِكَ، فَحَدَّثْته عَنْ سَالِمٍ فَقَالَ لِي نَافِعٌ: سَالِمٌ أَقْدَمُ مِنِّي وَأَعْلَمُ.
قَالَ عَلِيٌّ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِ نَافِعٍ إلَى الْقَوْلِ بِهَذَا؛ وَعَلَى أَنَّهُ قَوْلُ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ -: قَالَ عَلِيٌّ: فَغَلَّبَ هَؤُلَاءِ أَحَادِيثَ الْأَوَامِرِ عَلَى أَحَادِيثِ النَّهْيِ، وَقَالُوا: إنَّ مَعْنَى النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، أَيْ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَلَاةً أُمِرْتُمْ بِهَا، فَصَلَّوْهَا فِيهَا وَفِي غَيْرِهَا.