لَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ فِي أَنَّ قَطْعَ الْيَدِ بِالْيَدِ، وَالْعَيْنِ بِالْعَيْنِ، وَالْأَنْفِ بِالْأَنْفِ، وَالنَّفْسِ بِالنَّفْسِ، كُلُّ ذَلِكَ يُسَمَّى " قَوَدًا ". فَقَدْ صَحَّ يَقِينًا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَمَرَنَا بِالْقَوَدِ فَإِنَّهُ إنَّمَا أَمَرَنَا بِأَنْ يُعْمَلَ بِالْمُعْتَدِي فِي الْقَتْلِ فَمَا دُونَهُ: مِثْلُ مَا عَمِلَ هُوَ سَوَاءً سَوَاءً - هَذَا أَمْرٌ تَقْتَضِيهِ الشَّرِيعَةُ وَاللُّغَةُ وَلَا بُدَّ.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَا احْتَجَّتْ بِهِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى -: فَوَجَدْنَاهُمْ يُعَوِّلُونَ عَلَى مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ أَشْعَثَ، وَعَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا قَوَدَ إلَّا بِالسَّيْفِ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: هَذَا مُرْسَلٌ، وَلَا يَحِلُّ الْأَخْذُ بِمُرْسَلٍ.
وَقَالُوا: الْخَبَرَانِ عَنْ أَنَسٍ فِي الَّذِينَ قَتَلُوا الرِّعَاءَ، وَفِي الَّذِي رَضَخَ رَأْسَ الْجَارِيَةِ، فَإِنَّمَا كَانَا إذْ كَانَتْ الْمُثْلَةُ مُبَاحَةً، ثُمَّ نَسَخَهَا بِتَحْرِيمِ الْمُثْلَةِ.
وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّ فِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ لِذَلِكَ الْخَبَرِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِأَنْ يُرْجَمَ حَتَّى يَمُوتَ، فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ» .
قَالُوا: وَالرَّجْمُ قَدْ لَا يُصِيبُ الرَّأْسَ، فَقَدْ قَتَلَهُ بِغَيْرِ مَا قَتَلَ هُوَ بِهِ الْجَارِيَةَ.
وَقَدْ رَوَيْتُمْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ الصَّبَاحِ بْنِ عِمْرَانَ - هُوَ الْبُرْجُمِيِّ - أَنَّهُ سَمِعَ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ، وَعِمْرَانَ يَقُولَانِ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحُثُّنَا عَلَى الصَّدَقَةِ وَيَنْهَانَا عَنْ الْمُثْلَةِ.»