وَبِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 229] .
وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190] .
قَالُوا: فَكَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا أَوْرَدْنَا: مُوجِبٌ أَنَّ الْغَرَضَ فِي الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ فَمَا دُونَهُ إنَّمَا هُوَ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى بِهِ، وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ تَعَدِّي ذَلِكَ إلَى غَيْرِ مَا اعْتَدَى بِهِ.
قَالُوا: فَمَنْ قَتَلَ بِالسَّيْفِ مَنْ قَتَلَ مُتَعَدِّيًا بِغَيْرِ السَّيْفِ، فَقَاتِلُهُ بِمَا لَمْ يَقْتُلْ بِهِ، مُتَعَدٍّ ظَالِمٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، عَاصٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَا أُمِرَ بِهِ.
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا - بِمَا قَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ قَوْلِهِ «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ وَأَبْشَارَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» .
قَالُوا: فَمَنْ قَتَلَ أَحَدًا بِغَيْرِ السَّيْفِ ظَالِمًا عَامِدًا: فَبَشَرَةُ غَيْرِ الْقَاتِلِ مُحَرَّمَةٌ عَلَى الْمُسْتَقِيدِ، وَغَيْرِهِ، إذْ قَدْ صَحَّ تَحْرِيمُهَا، وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ، وَلَا إجْمَاعٌ بِإِبَاحَتِهَا، إنَّمَا حَلَّ مِنْ بَشَرَةِ الْقَاتِلِ، وَمِنْ التَّعَدِّي عَلَيْهِ مِثْلُ مَا انْتَهَكَ هُوَ مِنْ بَشَرَةِ غَيْرِهِ، وَمِثْلُ مَا تَعَدَّى عَلَيْهِ بِهِ قَطُّ - وَمَنْ خَالَفَ هَذَا فَهُوَ كَمَنْ أَفْتَى مَنْ فُقِئَتْ عَيْنَاهُ ظُلْمًا بِأَنْ يَجْدَعَ هُوَ أَشْرَفَ أُذُنَيْ فَاقِئِ عَيْنَيْهِ - وَلَا فَرْقَ.
وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ أَنَا هَمَّامٌ أَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: «أَنَّ جَارِيَةً قَدْ وُجِدَ رَأْسُهَا قَدْ رُضَّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، فَسَأَلُوهَا مَنْ صَنَعَ هَذَا بِكِ؟ فُلَانٌ؟ فُلَانٌ؟ حَتَّى ذَكَرُوا لَهَا يَهُودِيًّا، فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا؟ فَأُخِذَ الْيَهُودِيُّ فَأَقَرَّ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تُرَضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ الْحِجَارَةِ.» وَرَوَاهُ أَيْضًا - شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ، وَمَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ.