قَالُوا: فَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، وَعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: الْقَوَدُ إلَّا أَنْ يَرْضَى أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ.
وَفِي حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، وَأَنَسٍ: الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَفْوِ، وَبَيْنَ أَخْذِ الدِّيَةِ.
قَالُوا: فَلَوْ كَانَتْ الدِّيَةُ وَاجِبَةً بِالْعَفْوِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا الْوَلِيُّ الْعَامِّيُّ لَاسْتَغْنَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ إعَادَةِ ذِكْرِهَا.
قَالُوا: وَفِي أَحَدِ حَدِيثَيْ وَائِلٍ أَنَّهُ اسْتَشَارَ الْقَاتِلَ فِي إعْطَاءِ الدِّيَةِ، فَلَوْ كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ مَا اسْتَشَارَهُ فِي ذَلِكَ.
قَالُوا: وَقَدْ رَوَيْتُمْ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ قَالَ: فِي الْكِتَابِ الَّذِي هُوَ عِنْدَ أَبِي، وَهُوَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَاَلَّذِي فِي حَدِيثِ مَعْمَرٍ، وَهِيَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ: ثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً فَتِيَّةً سَمِينَةً - إذَا اصْطَلَحُوا فِي الْعَمْدِ، فَهُوَ عَلَى مَا اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ - قَالُوا - فَلَمْ يُذْكَرْ فِي الْعَمْدِ دِيَةٌ.
وَقَالُوا: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188] .
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» .
قَالُوا: فَدَلَّ هَذَانِ النَّصَّانِ عَلَى أَنَّ مَالَ الْقَاتِلِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ إلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ.
وَقَالُوا: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] .
وَقَالُوا: وَلَيْسَ مِثْلُ الْقَتْلِ إلَّا الْقَتْلَ، فَلَا مَدْخَلَ لِلدِّيَةِ هَاهُنَا إلَّا بِرِضَاهُمَا مَعًا.
وَقَالُوا: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [الإسراء: 33] .