أَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ أَنَا أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ صَالِحٍ أَبِي الْخَلِيلِ الضُّبَعِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تُحَرِّمُ الْإِمْلَاجَةُ وَلَا الْإِمْلَاجَتَانِ» .
قَالُوا: فَهَذِهِ آثَارٌ صِحَاحٌ رَوَاهَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَأُمُّ الْفَضْلِ، وَالزُّبَيْرُ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ كُلُّهُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءَتْ مَجِيءَ التَّوَاتُرِ قَالُوا: فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ عُمُومِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] وَبَقِيَ مَا زَادَ عَلَى التَّحْرِيمِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: صَدَقُوا فِي أَنَّهَا فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ، وَلَكِنْ لَوْ لَمْ يَرِدْ غَيْرُهَا لَكَانَ الْقَوْلُ مَا قَالُوا لَكِنْ قَدْ جَاءَ غَيْرُ هَذَا مِمَّا سَنَذْكُرُهُ الْآنَ إنْ شَاءَ عَزَّ وَجَلَّ.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ لَمْ يُحِدَّ الْمُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا بِمَا أَغْنَى مِنْ الْجُوعِ فَوَجَدْنَاهُمْ يَحْتَجُّونَ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ أَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا: اُنْظُرْنَ مِنْ إخْوَتِكُنَّ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ» .
وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَزَائِدَةَ، كُلِّهِمْ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ» .
وَقَدْ أَوْرَدْنَا أَيْضًا قَبْلُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَنَّهُ «لَا يُحَرِّمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ» .