فَنَظَرْنَا فِيمَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إلَى سَبْعِ رَضَعَاتٍ، فَلَمْ نَجِدْ لِهَذَا الْقَوْلِ مُتَعَلَّقًا، فَسَقَطَ.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إلَى عَشْرِ رَضَعَاتٍ فَوَجَدْنَاهُمْ يَذْكُرُونَ مَا كُتِبَ بِهِ إلَى أَبُو الْمُرَجَّى عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَرْوَازٍ: أَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ الرَّحَبِيُّ أَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الْكَاتِبُ أَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُغَلِّسِ قَالَ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: أَنَا أَبِي أَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ أَنَا أُبَيٌّ - هُوَ إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ - عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: أَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَّ سَهْلَةَ بِنْتَ سُهَيْلٍ أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَتْ لَهُ: إنَّ سَالِمًا كَانَ مِنَّا حَيْثُ عَلِمْت كُنَّا نَعُدُّهُ وَلَدًا، وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيَّ، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ وَفِي أَشْبَاهِهِ: أَنْكَرْتُ وَجْهَ أَبِي حُذَيْفَةَ، إذْ رَآهُ يَدْخُلُ عَلَيَّ قَالَ: فَأَرْضِعِيهِ عَشْرَ رَضَعَاتٍ ثُمَّ لِيَدْخُلْ عَلَيْك كَيْفَ شَاءَ، فَإِنَّمَا هُوَ ابْنُك.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا إسْنَادٌ صَحِيحٌ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا -:
أَحَدُهُمَا - أَنْ يَكُونَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَهِمَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ عَنْ الزُّهْرِيِّ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْ ابْنِ إِسْحَاقَ - وَهُوَ ابْنُ جُرَيْجٍ - فَقَالَ فِيهِ: أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ - عَلَى مَا نُورِدُهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ عَزَّ وَجَلَّ.
أَوْ يَكُونُ مَحْفُوظًا فَتَكُونُ رِوَايَةُ ابْنِ إِسْحَاقَ صَحِيحَةً وَرِوَايَةُ ابْنِ جُرَيْجٍ صَحِيحَةً فَيَكُونَانِ خَبَرَيْنِ اثْنَيْنِ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ، فَالْعَشْرُ الرَّضَعَاتُ مَنْسُوخَاتٌ عَلَى مَا نُورِدُ بَعْدَ هَذَا - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فَسَقَطَ هَذَا الْخَبَرُ، إذْ لَا يَخْلُو ضَرُورَةً مِنْ أَنْ يَكُونَ وَهْمًا، أَوْ مَنْسُوخًا، لَا بُدَّ مِنْ أَحَدِهِمَا.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِيمَا احْتَجَّ بِهِ مَنْ حَرَّمَ بِثَلَاثِ رَضَعَاتٍ لَا بِأَقَلَّ فَوَجَدْنَاهُمْ يَحْتَجُّونَ بِالْخَبَرِ الْمَشْهُورِ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى.