الْأُمِّ - وَارِثَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ وَارِثَةٍ وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الرَّضِيعِ، بِخِلَافِ وُجُوبِ نَفَقَتِهَا فِي مَالِهِ - إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَلَا مَالَ لَهَا.
فَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً وَوَلَدُهَا عَبْدًا لِسَيِّدِهَا، أَوْ لِغَيْرِ سَيِّدِهَا: فَرَضَاعُهُ عَلَى الْأُمِّ، بِخِلَافِ كِسْوَتِهِ، وَنَفَقَتِهِ - إذَا اسْتَغْنَى عَنْ الرَّضَاعِ.
فَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً وَوَلَدُهَا حُرٌّ - فَإِنْ كَانَ لَهُ أَبٌ، أَوْ وَارِثٌ، فَالنَّفَقَةُ، وَالْكِسْوَةُ، أَوْ الْأُجْرَةُ عَلَى الْأَبِ، أَوْ عَلَى الْوَارِثِ كَمَا قَدَّمْنَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ وَلَا وَارِثٌ: فَرَضَاعُهُ عَلَى أُمِّهِ.
فَإِنْ مَاتَتْ، أَوْ مَرِضَتْ، أَوْ أَضَرَّ بِهِ لَبَنُهَا، أَوْ كَانَتْ لَا لَبَنَ لَهَا، وَلَا مَالَ لَهَا: فَعَلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ - فَإِنْ مَنَعَ: فَعَلَى الْجِيرَانِ يُجْبِرُهُمْ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: بُرْهَانُ كُلِّ مَا ذَكَرْنَا مَنْصُوصٌ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلا وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة: 233] .
وَفِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [الطلاق: 2] .
فَهَذِهِ صِفَةُ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ بِلَا شَكٍّ، ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْعِدَّةَ بِالْأَقْرَاءِ وَالشُّهُورِ.
ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] إلَى قَوْلِهِ {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: 7] .