وَهُوَ خَبَرٌ مَوْضُوعٌ لَا شَكَّ فِيهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ كَذِبًا ظَاهِرًا لَا شَكَّ فِيهِ؟ وَهُوَ مَا نُسِبَ إلَى عَائِشَةَ مِنْ قَوْلِهَا " لَيْسَ عِنْدِي صَلَّاهُمَا " وَقَدْ ذَكَرْنَا مَنْ رَوَى تَكْذِيبَ هَذَا آنِفًا.
وَلِأَنَّ فِيهِ أَيْضًا لَفْظًا لَا يَجُوزُ أَلْبَتَّةَ أَنْ يَقُولَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؛ وَهُوَ «فَكَرِهْت أَنْ أُصَلِّيَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إلَيَّ فَصَلَّيْتُهُمَا عِنْدَكِ» .
إذْ لَا يَخْلُو فِعْلُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا أَوْ حَرَامًا؛ أَوْ مُبَاحًا حَسَنًا؟ فَإِنْ كَانَ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا؛ فَمَنْ نَسَبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّسَتُّرَ لِمُحَرَّمَاتٍ فَهُوَ كَافِرٌ؛ لِتَفْسِيقِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ أُمِرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يَقْرَأَ عَلَى النَّاسِ {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: 88] .
وَمِنْ الْمُحَالِ الْمُمْتَنِعِ أَنْ يَتَعَنَّى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِتَكَلُّفِ صَلَاةٍ مَكْرُوهَةٍ لَا أَجْرَ فِيهَا؟ فَهَذَا هُوَ التَّكَلُّفُ الَّذِي أَمَرَهُ تَعَالَى أَنْ يَقُولَ فِيهِ: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86] وَحَاشَا لِلَّهِ تَعَالَى أَنْ يَفْعَلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَاصِدًا إلَى فِعْلِهِ - إلَّا مَا يُقَرِّبُهُ مِنْ رَبِّهِ تَعَالَى وَيُنْسِيهِ تَعَالَى الشَّيْءَ [لَيْسَ] لَنَا فِيهِ مَا يُقَرِّبُنَا مِنْ رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ؟ ، وَلَا مَزِيدَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا إخْبَارُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِمَا عَلِمَ؛ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَرَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّاهُمَا، وَهُوَ الصَّادِقُ فِي قَوْلِهِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا نَهْيٌ عَنْهُمَا، وَلَا كَرَاهَةٌ لَهُمَا؛ [وَمَا] صَامَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَطُّ شَهْرًا كَامِلًا غَيْرَ رَمَضَانَ؛ وَلَيْسَ هَذَا بِمُوجِبٍ كَرَاهِيَةَ صَوْمِ [شَهْرٍ كَامِلٍ تَطَوُّعًا] .
ثُمَّ قَدْ رَوَى غَيْرُ عَلِيٍّ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - صَلَّاهُمَا - فَكُلٌّ أَخْبَرَ بِعِلْمِهِ، وَكُلُّهُمْ صَادِقٌ