مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ طَلُقَتْ الَّتِي لَمْ تَحِضْ قَطُّ ثُمَّ حَاضَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْعِدَّةِ، سَوَاءٌ إثْرَ طَلَاقِهَا أَوْ فِي آخِرِ الشَّهْرِ فَمَا بَيْنَ ذَلِكَ: تَمَادَتْ عَلَى الْعِدَّةِ بِالشُّهُورِ، فَإِذَا أَتَمَّتْهَا حَلَّتْ وَلَمْ تَلْتَفِتْ إلَى الْحَيْضِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ حَمَلَتْ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ إثْرَ طَلَاقِهَا، أَوْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ ابْتَدَأَتْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ كَامِلَةً.
بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4] فَإِنَّمَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهَا عِدَّةَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إثْرَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا مِنْ الطَّلَاقِ، فَلَا يَبْطُلُ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا بِدَعْوَى لَمْ يَأْتِ بِهَا قَطُّ نَصٌّ.
فَإِنْ قِيلَ: فَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَوْجَبَ الْأَقْرَاءَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] وَقَالَ تَعَالَى أَيْضًا: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] وَهَذِهِ زَوْجَةٌ مُطَلَّقَةٌ؟ قُلْنَا: إنَّمَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى مَا ذَكَرْتُمْ عَلَى ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ، وَعَلَى ذَوَاتِ الْحَمْلِ، وَهَذِهِ إذْ لَزِمَتْهَا عِدَّةُ هَذَا الطَّلَاقِ إنَّمَا كَانَتْ بِيَقِينٍ مِنْ اللَّائِي يَئِسْنَ، أَوْ مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ، وَلَمْ تَكُنْ أَصْلًا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ، وَلَا مِنْ ذَوَاتِ الْحَمْلِ.