يَكُونَ ذَلِكَ وَيَطَؤُهَا، فَإِنْ مَاتَا قَبْلَ ذَلِكَ تَوَارَثَا. فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَى سَنَةٍ فَهِيَ طَالِقٌ حِينَ يَقُولُ ذَلِكَ - وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
وَقَوْلٌ رَابِعٌ - رُوِيَ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَى رَأْسِ الْهِلَالِ؟ قَالَ: أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ قَدْ طَلَّقَهَا؟ فَوَجَدْنَا مِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ: بِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ الْآنَ -: أَنْ قَالُوا: هَذَا الطَّلَاقُ إلَى أَجَلٍ، فَهُوَ بَاطِلٌ كَالنِّكَاحِ إلَى أَجَلٍ؟ فَقُلْنَا لَهُمْ: فَلِمَ قُلْتُمْ: إنَّهُ إنْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ؟ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ إلَّا بِدُخُولِ الدَّارِ، فَإِنَّهُ طَلَاقٌ إلَى أَجَلٍ، فَأَوْقَعْتُمُوهُ حِينَ لَفَظَ بِهِ.
وَبِهَذَا نُعَارِضُهُمْ فِي قَوْلِهِمْ: إنَّ ظَاهِرَ أَمْرِهِ أَنَّهُ نَدِمَ إذْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، فَأَتْبَعَ ذَلِكَ بِالْأَجَلِ؟ فَيَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ فِيمَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ.
وَهُوَ قَوْلٌ صَحَّ عَنْ شُرَيْحٍ أَلْزَمَهُ الطَّلَاقَ - دَخَلَتْ الدَّارَ أَوْ لَمْ تَدْخُلْهُ.
وَقَالُوا: إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، فَالطَّلَاقُ مُبَاحٌ، فَإِنْ أَتْبَعَهُ أَجَلًا فَهُوَ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَاطِلٌ؟ فَقُلْنَا: بَلْ مَا طَلَاقُهُ إلَّا فَاسِدٌ لَا مُبَاحٌ؟ إذْ عَلَّقَهُ بِوَقْتٍ، وَلَا يَجُوزُ إلْزَامُهُ بَعْضَ مَا الْتَزَمَ دُونَ سَائِرِهِ - فَظَهَرَ فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ، وَيَكْفِي مِنْ هَذَا أَنَّهُ تَحْرِيمُ فَرْجٍ بِالظَّنِّ عَلَى مَنْ أَبَاحَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ بِالْيَقِينِ - وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ هَذَا.
وَلَمْ نَجِدْ لِمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْأَجَلِ الْآتِي وَالْآبِدِ، وَبَيْنَ الْأَجَلِ الَّذِي لَا يَأْتِي حُجَّةً أَصْلًا، غَيْرَ دَعْوَاهُ؟ لَا سِيَّمَا وَهُمْ يُفْسِدُونَ النِّكَاحَ إذَا أَجَّلَ الصَّدَاقَ إلَى أَجَلٍ قَدْ يَكُونُ وَقَدْ لَا يَكُونُ، بِعَكْسِ قَوْلِهِمْ فِي الطَّلَاقِ؟ وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ أَجَلٌ وَلَا فَرْقَ.
وَأَيْضًا - فَقَدْ يَأْتِي الْأَجَلُ الَّذِي قَالُوا فِيهِ: إنَّهُ يَجِيءُ - وَهُوَ مَيِّتٌ أَوْ وَهِيَ مَيِّتَةٌ، أَوْ كِلَاهُمَا، أَوْ قَدْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا -: فَظَهَرَ فَسَادُ هَذَا الْقَوْلِ جُمْلَةً - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَهُمْ يُشَنِّعُونَ خِلَافَ الصَّاحِبِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ؟ وَقَدْ خَالَفُوا هَاهُنَا ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَيْضًا - فَإِنَّهُمْ يُوقِعُونَ عَلَيْهِ طَلَاقًا لَمْ يَلْتَزِمْهُ قَطُّ؟ وَهَذَا بَاطِلٌ.