كَمُلَ كِتَابُ النِّكَاحِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
فَسْخُ النِّكَاحِ 1944 - مَسْأَلَةٌ: وَلَا عِدَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَسْخِ الَّذِي ذَكَرْنَا إلَّا فِي الْوَفَاةِ وَفِي الْمُعْتَقَةِ الَّتِي تَخْتَارُ فِرَاقَ زَوْجِهَا، لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لَهُمَا بِالْعِدَّةِ، وَلَمْ يَأْمُرْ غَيْرَهُمَا بِعِدَّةٍ وَلَا يَجُوزُ أَمْرُهَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ شَرْعٌ لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ تَعَالَى.
وَلَا يَجُوزُ قِيَاسُ الْفَسْخِ عَلَى الطَّلَاقِ، لِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ إلَّا بِلَفْظِ الْمُطَلِّقِ وَاخْتِيَارِهِ، وَالْفَسْخُ يَقَعُ بِغَيْرِ لَفْظِ الزَّوْجِ - أَحَبَّ أَمْ كَرِهَ - فَكَيْفَ وَالْقِيَاسُ كُلُّهُ بَاطِلٌ.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى نا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قَالَ عَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانُوا إذَا هَاجَرَتْ امْرَأَةٌ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لَمْ تُخْطَبْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ، فَإِذَا طَهُرَتْ حَلَّ لَهَا النِّكَاحُ.
فَهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ يَحْكِي: أَنَّ هَذَا فِعْلُ الصَّحَابَةِ جُمْلَةً فَلَا يَجُوزُ خِلَافُهُ، وَبِذَلِكَ جَاءَ النَّصُّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10] إلَى قَوْلِهِ {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الممتحنة: 10] ، فَلَمْ يُوجِبْ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِنَّ عِدَّةً فِي انْفِسَاخِ نِكَاحِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ الْكُفَّارِ بِإِسْلَامِهِنَّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.