فَإِنْ قَالُوا: قَدْ يَتُوبُ مِنْ الْفِسْقِ؟ قُلْنَا: وَقَدْ يَبْرَأُ مِنْ الْجُنُونِ. وَأَمَّا طِيبُ النَّفْسِ عَلَى الْجِمَاعِ، فَوَاَللَّهِ إنَّ نَفْسَ كُلِّ أَحَدٍ لَا تَطِيبُ عَلَى مَنْ بِهَا فِي خَافِي جَسَدِهَا لَمْعَةٌ مِنْ بَرَصٍ، وَمَنْ يَمَسُّهَا صَرْعٌ فِي الشَّهْرِ مَرَّةً، مِنْهَا عَلَى الزَّانِيَةِ، وَعَلَى الْعَجُوزِ السَّوْدَاءِ الشَّوْهَاءِ، وَعَلَى مَنْ بِهَا أَكَلَةٌ فِي وَجْهِهَا، أَوْ أُثْلُولٌ ضَخْمٌ، أَوْ حُدْبٌ فِي الصَّدْرِ، أَوْ الظَّهْرِ، أَوْ بَكَمٌ - هَذَا مَا لَا شَكَّ فِيهِ عِنْدَ أَحَدٍ.
وَكُلُّ هَذِهِ آرَاءٌ فَاسِدَةٌ، إنَّمَا هُوَ النِّكَاحُ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، ثَمَّ إمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ، إلَّا أَنْ يَأْتِيَ نَصٌّ صَحِيحٌ فَيُوقَفُ عِنْدَهُ -.
وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ الْخَبَرَ الَّذِي فِيهِ «وَفِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنْ الْأَسَدِ» قُلْنَا: لَيْسَ عَلَى الْأَمْرِ بِالْفِرَارِ، ثُمَّ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ فَافْسَخُوا النِّكَاحَ بِحُدُوثِهِ بَعْدَهُمَا بَعْدَ سِنِينَ - وَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ هَذَا.
وَأَيْضًا - فَمِنْ أَيْنَ أَضَفْتُمْ إلَيْهِ الْأَبْرَصَ؟ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُؤْمَنُ مِنْ الْمَجْنُونِ قَتْلُ صَاحِبِهِ؟ قُلْنَا: هَذَا فِي الْفَاسِقِ - بِلَا شَكٍّ - أَخْوَفُ، فَرُدُّوا النِّكَاحَ بِالْفِسْقِ؟ فَلَاحَ فَسَادُ قَوْلِهِمْ جُمْلَةً.
فَإِنْ مَوَّهَ مُمَوِّهٌ بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ نا جَمِيلُ بْنُ زَيْدٍ الطَّائِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ «تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امْرَأَةً مِنْ بَنِي غِفَارٍ فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيْهِ وَوَضَعَتْ ثِيَابَهَا رَأَى بِكَشْحِهَا بَيَاضًا فَقَالَ: الْبَسِي ثِيَابَك وَالْحَقِي بِأَهْلِكِ» .
قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: فَحَدَّثَنَا رَجُلٌ عَنْ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ «عَنْ زَيْدِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ لَهَا بِالصَّدَاقِ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا مِنْ رِوَايَةِ جَمِيلِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ مُطْرَحٌ مَتْرُوكٌ جُمْلَةً عَنْ زَيْدِ بْنِ كَعْبٍ - وَهُوَ مَجْهُولٌ لَا يُعْلَمُ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ وَلَدٌ اسْمُهُ زَيْدٌ -.