مَنْ ذَكَرْنَا فِي الْإِبَايَةِ - وَأَمَّا فِي الْعُسْرِ: فَيُبَاعُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ بِأَيْدِيهِمَا عَمَلٌ يَكُونُ لَهُ أُجْرَةٌ يَقُومُ مِنْهَا مُؤْنَتُهُ، فَإِنَّهُ يُؤَاجِرُ حِينَئِذٍ وَلَا يُبَاعُ - وَلَا تُعْتَقُ أُمُّ الْوَلَدِ مِنْ عَدَمِ النَّفَقَةِ، لَكِنْ يُجْبَرُ كَمَا قُلْنَا إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ كُلِّفَتْ مَا يُكَلَّفُ فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ -: مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى نا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ نا شُعْبَةُ عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ عَنْ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ: أَنَّ أَبَا ذَرٍّ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبِسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ عَلَيْهِ» .
وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ نا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي حَزْرَةَ الْقَاصِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: أَنَّ أَبَا الْيُسْرِ قَالَ لَهُ: إنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي الرَّقِيقِ «أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ» .
قَالَ: أَبُو الْيُسْرِ " فَكَانَ أَنْ أَعْطَيْتُهُ مِنْ مَتَاعِ الدُّنْيَا أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ حَسَنَاتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ " فَهَذَا أَبُو الْيُسْرِ يَرَى هَذَا الْأَمْرَ فَرْضًا.
وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ نا ابْنُ وَهْبٍ أرنا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ الْأَشَجِّ حَدَّثَهُ عَنْ الْعَجْلَانِ مَوْلَى فَاطِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ وَلَا يُكَلَّفُ مِنْ الْعَمَلِ إلَّا مَا يُطِيقُ» .
وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ - هُوَ الْحَوْضِيُّ - نَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ فَلْيُؤَاكِلْهُ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ؛ أَوْ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ، فَإِنَّهُ وَلِيَ حَرَّهُ وَعِلَاجَهُ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَجْمَعُ مَا قُلْنَا، وَقَدْ صَحَّ نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمُثْلَةِ - وَأَمَّا قَوْلُنَا: إنَّهُ إنْ غَابَ أَوْ أَبَى بِيعَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ، فَلِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} [النساء: 135] وَكُلُّ مَا لَزِمَتْ الْمُسْلِمَ نَفَقَتُهُ فَقَدْ وَجَبَ لَهُ حَقٌّ فِي مَالِهِ، فَفَرْضٌ عَلَيْنَا إيصَالُهُ إلَيْهِ، وَتَوْفِيَتُهُ إيَّاهُ، فَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِبَيْعِ