المحلي بالاثار (صفحة 4004)

نَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدٍ - هُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ - عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةُ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: " لَا تَلْبِسُوا عَلَيْنَا سُنَّةَ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عِدَّةُ أُمِّ الْوَلَدِ عِدَّةُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا ".

وَالصَّحِيحُ الثَّابِتُ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ نا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدٍ - هُوَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ " صَلَّيْتُ خَلْفَ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى جِنَازَةٍ فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَقَالَ: لِتَعْلَمُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ ". وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أرنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ أرنا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّهُ قَالَ «السُّنَّةُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ أَنْ يُقْرَأَ فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى مُخَافَتَةً ثُمَّ يُكَبِّرُ وَالتَّسْلِيمُ عِنْدَ الْآخِرَةِ» .

فَمَنْ أَعْجَبُ مِمَّنْ يَرَى قَوْلَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي قَضِيَّةٍ اُخْتُلِفَ عَنْهُ فِيهَا هِيَ سُنَّةٌ حُجَّةٌ، وَلَا يَرَى قَوْلَ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ هِيَ السُّنَّةُ حُجَّةٌ؟ وَهُوَ مِثْلُ سَعِيدٍ فِي إدْرَاكِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَكَيْفَ بِعُثْمَانَ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَا يُدْرِكُ سَعِيدٌ يَوْمًا مِنْ أَيَّامِهِمْ أَبَدًا، وَكُلُّهُمْ أَعْلَمُ بِالسُّنَّةِ مِنْ سَعِيدٍ بِلَا شَكٍّ - وَهَذَا تَحَكُّمٌ فِي الدِّينِ بِالْبَاطِلِ.

وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي تَأْجِيلِ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ، فَسَاقِطَةٌ جِدًّا، لِأَنَّهَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، وَعَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ عُمَرَ، وَكِلَاهُمَا لَا شَيْءَ.

وَمِنْ أَعْجَبِ الْعَجَبِ قَوْلُ مَالِكٍ لِلَّذِي احْتَجَّ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَحْتَاجُونَ وَيُعَسِّرُونَ بِقَوْلِهِ: لَيْسَ النَّاسُ الْيَوْمَ كَذَلِكَ، إنَّمَا تَزَوَّجَتْهُ رَجَاءً " فَجَمَعَ هَذَا الْقَوْلُ وُجُوهًا مِنْ الْخَطَأِ -: مِنْهَا - مُخَالَفَةُ أَمْرِ الصَّحَابَةِ وَمَا مَضَوْا عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ الِاعْتِرَافَ بِأَنَّ النَّاسَ لَيْسُوا كَذَلِكَ الْيَوْمِ، فَكَيْفُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُجِيزَ حُكْمًا يُقِرُّ بِأَنَّ النَّاسَ فِيهِ عَلَى خِلَافِ مَا مَضَى عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ، ثُمَّ مَنْ لَهُ بِذَلِكَ، وَمِنْ أَيْنَ عَرَفَ تَبَدُّلَ النَّاسِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَمَا يَعْلَمُ أَحَدٌ فِيهَا أَنَّ النَّاسَ عَلَى خِلَافِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ عَصْرَ الصَّحَابَةِ، لِأَنَّ كُلَّ مَنْ تَزَوَّجَ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَإِنَّمَا تَزَوَّجَتْهُ الْمَرْأَةُ لِلْجِمَاعِ وَالنَّفَقَةِ بِلَا شَكٍّ، فَمَا النَّاسُ الْيَوْمَ إلَّا كَذَلِكَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015