وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، وَأَشْعَثَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُمْرَانِيِّ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ الشَّعْبِيِّ، وَقَالَ الْحُمْرَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، كِلَاهُمَا بِمِثْلِ حَدِيثِ إبْرَاهِيمَ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ابْنِ شُبْرُمَةَ قَالَ: قَالَتْ بِنْتُ طَلْحَةَ: مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ إنْ نَكَحْته فَهُوَ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَبِيهَا، ثُمَّ نَكَحَتْهُ، فَسَأَلَتْ عَنْ ذَلِكَ أَصْحَابَ ابْنِ مَسْعُودٍ؟ فَقَالُوا: تُكَفِّرُ.
وَبِهِ إلَى مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِي امْرَأَةٍ قَالَتْ لِزَوْجِهَا: هُوَ عَلَيْهَا كَأَبِيهَا؟ فَقَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَتْ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا، فَنَرَى أَنْ تُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ، أَوْ بِصَوْمِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، أَوْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا - وَلَا يَحُولُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا أَنْ يَطَأَهَا.
وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ النَّهْدِيِّ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَرَى: تُظَاهِرُ الْمَرْأَةُ مِنْ الرَّجُلِ ظِهَارًا - وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ، وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ اللُّؤْلُؤِيِّ.
فَإِنْ قَالُوا: كَانَ الظِّهَارُ طَلَاقَ الْجَاهِلِيَّةِ وَالطَّلَاقُ إلَى الرِّجَالِ؟ قُلْنَا: وَمِنْ أَيْنَ صَحَّ عِنْدَكُمْ أَنَّ الظِّهَارَ كَانَ طَلَاقَ الْجَاهِلِيَّةِ؟ فَكَيْفَ وَأَنْتُمْ تُجِيزُونَ أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ بِيَدِ الْمَرْأَةِ إذَا جَعَلَهُ الرَّجُلُ بِيَدِهَا؟ فَقُولُوا كَذَلِكَ فِي الظِّهَارِ، وَهَذَا كُلُّهُ يُبَيِّنُ فَسَادَ الْقِيَاسِ وَتَنَاقُضَهُ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ، مِنْهُمْ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ: إنْ ظَاهَرَ بِرَأْسِ أُمِّهِ أَوْ يَدِهَا؟ فَهُوَ ظِهَارٌ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ ظَاهَرَ بِشَيْءٍ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ مِنْ أُمِّهِ؟ فَهُوَ ظِهَارٌ، وَإِنْ ظَاهَرَ بِشَيْءٍ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ مِنْ أُمِّهِ؟ فَلَيْسَ ظِهَارًا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَكُلُّ هَذِهِ مَقَايِيسُ فَاسِدَةٌ، لَيْسَ بَعْضُهَا أَوْلَى مِنْ بَعْضٍ.
وَكَذَلِكَ قِيَاسُ قَوْلِ مَالِكٍ ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَنَّ مَا ظَاهَرَ بِهِ مِنْ أَعْضَاءِ أُمِّهِ فَهُوَ ظِهَارٌ وَالْحَقُّ مِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَا: مِنْ أَنْ لَا نَتَعَدَّى النَّصَّ الَّذِي حَدَّهُ اللَّهُ تَعَالَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق: 1] .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَرَّرَ الْإِطْعَامَ عَلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ سِتِّينَ يَوْمًا أَجْزَأَهُ.