المحلي بالاثار (صفحة 3927)

وَصَحَّ خِلَافُ هَذَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا ذَكَرْنَا، وَعَنْ طَاوُسٍ: إذَا حَلَفَ دُونَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ؟ فَلَيْسَ إيلَاءً - وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ عَطَاءٍ.

وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابِهِ.

وَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَصْحَابُهُمْ: لَا يَكُونُ مُؤْلِيًا حَلَفَ أَنْ لَا يَقْرَبَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَأَقَلَّ، إنَّمَا الْمُؤْلِي مَنْ حَلَفَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: كِلَا الْقَوْلَيْنِ خِلَافٌ لِنَصِّ الْآيَةِ، إنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْإِيلَاءَ مِنْ نِسَائِهِمْ دُونَ تَوْقِيفٍ، ثُمَّ حَكَمَ بِالتَّوْقِيفِ وَالتَّرَبُّصِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ حَكَمَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ بِإِلْزَامِ الْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ.

وَأَمَّا مَنْ قَالَ: لَا إيلَاءَ إلَّا مَا كَانَ فِي غَضَبٍ: فَرُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ.

كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا هُشَيْمٌ نا دَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ الْأَسَدِيِّ قَالَ: قُلْت لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةَ أَخِي وَهِيَ تُرْضِعُ ابْنَ أَخِي فَقُلْت: هِيَ طَالِقٌ إنْ قَرِبْتهَا حَتَّى تَفْطِمَهُ؟ قَالَ عَلِيٌّ: إنَّمَا أَرَدْت الْإِصْلَاحَ لَك وَلِابْنِ أَخِيك، فَلَا إيلَاءَ عَلَيْك، إنَّمَا الْإِيلَاءُ مَا كَانَ فِي الْغَضَبِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ - قَالَ هُشَيْمٌ: وَنَا أَبُو وَكِيعٍ عَنْ أَبِي فَزَارَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إنَّمَا جُعِلَ الْإِيلَاءُ فِي الْغَضَبِ.

وَمِمَّنْ لَمْ يُرَاعِ ذَلِكَ: إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا هُشَيْمٌ نا الْقَعْقَاعُ بْنُ يَزِيدَ الضَّبِّيُّ أَنَّهُ قَالَ لِمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ فِي قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: إنَّمَا الْإِيلَاءُ فِي الْغَضَبِ؟ فَقَالَ: لَا أَدْرِي مَا يَقُولُونَ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226] {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 227]

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ صَدَقَ أَبُو بَكْرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَصْحَابِهِمْ.

وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي هَلْ يَقَعُ طَلَاقٌ بِمُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ أَمْ لَا يَقَعُ بِذَلِكَ طَلَاقٌ؟ فَاَلَّذِينَ قَالُوا بِمُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ يَقَعُ الطَّلَاقُ -:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015