المحلي بالاثار (صفحة 3760)

قَالَ عَلِيٌّ: رُوِّينَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ: تَحْرِيمَ نِكَاحِ نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ جُمْلَةً.

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ نا اللَّيْثُ هُوَ ابْنُ سَعْدٍ - عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنْ نِكَاحِ الْيَهُودِيَّةِ، وَالنَّصْرَانِيَّةِ؟ فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْمُشْرِكَاتِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا أَعْلَمُ مِنْ الْإِشْرَاكِ شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْ أَنْ تَقُولَ الْمَرْأَةُ " رَبُّهَا عِيسَى " وَهُوَ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَأَبَاحَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: نِكَاحَ الْيَهُودِيَّةِ، وَالنَّصْرَانِيَّةِ، وَوَطْءَ الْأَمَةِ الْيَهُودِيَّةِ، وَالنَّصْرَانِيَّةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ.

وَحَرَّمُوا نِكَاحَ الْمَجُوسِيَّةِ جُمْلَةً، وَوَطْأَهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ، إلَّا أَنَّ مَالِكًا حَرَّمَ زَوَاجَ الْأَمَةِ الْيَهُودِيَّةِ، وَالنَّصْرَانِيَّةِ.

وَأَبَاحَ نِكَاحَ الْمَجُوسِيَّةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ - وَأَبَاحَ إجْبَارَهَا عَلَى الْإِسْلَامِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى الْقُرْآنِ، وَالسُّنَّةِ، وَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] فَلَوْ لَمْ تَأْتِ إلَّا هَذِهِ الْآيَةُ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ، لَكِنْ وَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [المائدة: 5] فَكَانَ الْوَاجِبُ الطَّاعَةَ لِكِلْتَا الْآيَتَيْنِ، وَأَنْ لَا تُتْرَكَ إحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَى.

وَوَجَدْنَا مَنْ أَخَذَ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ قَدْ خَالَفَ هَذِهِ الْآيَةَ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ وَلَا سَبِيلَ إلَى الطَّاعَةِ لَهُمَا إلَّا بِأَنْ يُسْتَثْنَى الْأَقَلُّ مِنْ الْأَكْثَرِ، فَوَجَبَ اسْتِثْنَاءُ إبَاحَةِ الْمُحْصَنَاتِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالزَّوَاجِ مِنْ جُمْلَةِ تَحْرِيمِ الْمُشْرِكَاتِ، وَيَبْقَى سَائِرُ ذَلِكَ عَلَى التَّحْرِيمِ بِالْآيَةِ الْأُخْرَى: لَا يَجُوزُ غَيْرُ هَذَا.

وَوَجَدْنَا تَحْرِيمَ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، نِكَاحَ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةَ بِالزَّوَاجِ لِلْآيَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015