سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ: «أَرَادَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ أَنْ يَتَبَتَّلَ فَنَهَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -» وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَلْخِيُّ نا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ نا حُصَيْنُ بْنُ نَافِعٍ الْمَازِنِيُّ قَالَ: ني الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ سَأَلَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - عَنْ التَّبَتُّلِ؟ فَقَالَتْ: لَا تَفْعَلْ أَمَا سَمِعْت قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [الرعد: 38] فَلَا تَتَبَتَّلْ.
وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ لِرَجُلٍ: لِتَتَزَوَّجَنَّ أَوْ لَأَقُولَنَّ لَك مَا قَالَ عُمَرُ لِأَبِي الزَّوَائِدِ: مَا يَمْنَعُك مِنْ النِّكَاحِ إلَّا عَجْزٌ أَوْ فُجُورٌ.
وَقَدْ احْتَجَّ قَوْمٌ فِي الْخِلَافِ هَذَا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} [آل عمران: 39] ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ؛ لِأَنَّنَا لَمْ نَأْمُرْ الْحَصُورَ بِاتِّخَاذِ النِّسَاءِ، إنَّمَا أَمَرْنَا بِذَلِكَ مَنْ لَهُ قُوَّةٌ عَلَى الْجِمَاعِ.
وَمَوَّهُوا أَيْضًا بِخَبَرَيْنِ -: أَحَدُهُمَا - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خَيْرُكُمْ فِي الْمِائَتَيْنِ الْخَفِيفُ الْحَاذِ الَّذِي لَا أَهْلَ لَهُ وَلَا وَلَدَ» .
وَالْآخَرُ: مِنْ طَرِيقِ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ «إذَا كَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ فَلَأَنْ يُرَبِّيَ أَحَدُكُمْ جَرْوَ كَلْبٍ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُرَبِّيَ وَلَدًا» ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَانِ خَبَرَانِ مَوْضُوعَانِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عِصَامٍ رَوَّادِ بْنِ الْجَرَّاحِ الْعَسْقَلَانِيِّ - وَهُوَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ - لَا يُحْتَجُّ بِهِ.
وَبَيَانُ وَضْعِهِمَا: أَنَّهُ لَوْ اسْتَعْمَلَ النَّاسُ مَا فِيهِمَا مِنْ تَرْكِ النَّسْلِ لَبَطَلَ الْإِسْلَامُ، وَالْجِهَادُ، وَالدِّينُ، وَغَلَبَ أَهْلُ الْكُفْرِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ إبَاحَةِ تَرْبِيَةِ الْكِلَابِ، فَظَهَرَ فَسَادُ كَذِبِ رَوَّادٍ بِلَا شَكٍّ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ؟