وَاضْطَرَبَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ -: فَمَرَّةً قَالَ: يُوقَفُ الشَّيْءُ.
وَمَرَّةً قَالَ: يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا.
وَمَرَّةً قَالَ: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَأَبُو عُبَيْدٍ: إذَا ادَّعَى اثْنَانِ شَيْئًا لَيْسَ فِي أَيْدِيهِمَا، وَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ الْعَدْلَةَ: أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا، وَقُضِيَ بِذَلِكَ الشَّيْءِ لِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ، وَلَا مَعْنَى لِأَكْثَرِ الْبَيِّنَتَيْنِ، وَلَا لِأَعْدَلِهِمَا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَإِنْ ذَكَرَ ذَاكِرٌ مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا اسْتَوَى الشُّهُودُ أُقْرِعَ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ» فَهُوَ عَلَيْهِمْ، لِأَنَّ فِيهِ الْإِقْرَاعَ، وَلَا يَقُولُونَ بِهِ.
1818 - مَسْأَلَةٌ: الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَيُقْبَلُ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ عَلَى وَاحِدٍ.
وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا -: فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَةِ الْحَاضِرِ فِي الْمِصْرِ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا.
وَقَالَ مَالِكٌ: لَا تُقْبَلُ عَلَى شَهَادَةِ الْحَاضِرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا، وَلَمْ يَحُدَّ عَنْهُ مِقْدَارَ الْمَسَافَةِ الَّتِي إذَا كَانَ الشَّاهِدُ بَعِيدًا عَلَى قَدْرِهَا قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَتِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى مِقْدَارٍ تُقْصَرُ إلَيْهِ الصَّلَاةُ.
قَالَ عَلِيٌّ: لَمْ نَجِدْ لِمَنْ مَنَعَ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ عَلَى شَهَادَةِ الْحَاضِرِ -: حُجَّةً أَصْلًا، لَا مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا مِنْ سُنَّةٍ، وَلَا قَوْلِ أَحَدٍ سَلَفَ، وَلَا قِيَاسٍ، وَلَا مَعْقُولٍ، لَا سِيَّمَا هَذِهِ الْحُدُودُ الْفَاسِدَةُ.
وَقَدْ أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى، بِقَبُولِ شَهَادَةِ الْعُدُولِ، وَالشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ شَهَادَةُ عُدُولٍ، فَقَبُولُهَا وَاجِبٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ بَعُدَتْ جِدًّا وَلَا فَرْقَ.
وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي كَمْ تُقْبَلُ عَلَى شَهَادَةِ الْعُدُولِ؟ فَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ ضُمَيْرَةَ - وَهُوَ مُطَّرِحٌ - أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ عَلَى شَهَادَةِ وَاحِدٍ