عَنْ الزُّهْرِيِّ نا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: سَمِعْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: إنَّ نَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمْ الْآنَ بِمَا ظَهَرَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ، وَلَيْسَ لَنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ، وَاَللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ، وَإِنْ قَالَ: إنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ.
قُلْنَا: هَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ عَنْ عُمَرَ، وَكُلُّ مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ فَمُتَّفَقٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ فَهُوَ عَدْلٌ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ شَرٌّ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ، وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ عُمَرَ قِيلَ لَهُ: إنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ قَدْ فَشَتْ؟ فَقَالَ: لَا يُوسَرُ رَجُلٌ فِي الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ الْعُدُولِ: مَعْنَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ: أَنَّ الْعُدُولَ هُمْ الْمُسْلِمُونَ إلَّا مَنْ صَحَّتْ عَلَيْهِ شَهَادَةُ زُورٍ.
حَدَّثَنَا بِذَلِكَ حُمَامٌ عَنْ الْبَاجِيَّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ نا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نا وَكِيعٌ نا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَلَّا لَا يُوسَرُ أَحَدٌ فِي الْإِسْلَامِ بِشُهُودِ الزُّورِ، فَإِنَّا لَا نَقْبَلُ إلَّا الْعُدُولَ.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ: نا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: تَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ مَا لَمْ يُصِبْ حُرًّا أَوْ تُعْلَمْ عَلَيْهِ خَرَبَةٌ فِي دِينِهِ.
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ عَوْفٍ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يُجِيزُ شَهَادَةَ مَنْ صَلَّى إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الْخَصْمُ بِمَا يُجَرِّحُهُ بِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ رَوَيْتُمْ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ لَا يَجُوزُ فِي الطَّلَاقِ شَهَادَةُ ظَنِينٍ وَلَا مُتَّهَمٍ.
قُلْنَا: قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ خَصَّ الطَّلَاقَ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] إلَى قَوْله تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] فَلَمْ يَجُزْ فِي الطَّلَاقِ بِالنَّصِّ إلَّا مَنْ عُرِفَ لَا مَنْ يُتَّهَمُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: احْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ عُدُولٌ حَتَّى تَصِحَّ الْجُرْحَةُ: بِأَنَّهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ جُرْحَةٍ، فَلَمَّا بَلَغَ مُسْلِمًا، فَالْإِسْلَامُ خَيْرٌ، بَلْ هُوَ جَامِعٌ لِكُلِّ خَيْرٍ فَقَدْ صَحَّ مِنْهُ الْخَيْرُ، فَهُوَ عَدْلٌ حَتَّى يُوقَنَ مِنْهُ بِضِدِّ ذَلِكَ.