ثُمَّ هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ مَكْذُوبٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ مِنْ الْبَاطِلِ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُهُ بِالْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ، وَهُوَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَدْرِي أَنَّهُ كَاذِبٌ فَيَأْمُرُهُ بِالْكَذِبِ، حَاشَ لِلَّهِ مِنْ هَذَا.
وَعَلَى خَبَرٍ آخَرَ: مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيِّ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ رَجُلًا حَلَفَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ كَاذِبًا فَغُفِرَ لَهُ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ، وَلَا دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْحَلِفِ بِذَلِكَ فِي الْحُقُوقِ أَصْلًا، بَلْ هُوَ ضِدُّ قَوْلِهِمْ: إنَّهُمْ زَادُوا ذَلِكَ تَأْكِيدًا وَتَعْظِيمًا فَعَلَى هَذَا الْخَبَرِ مَا هِيَ إلَّا زِيَادَةُ تَخْفِيفٍ مُوجِبَةٌ لِلْمَغْفِرَةِ لِلْكَاذِبِ فِي يَمِينِهِ، مُسَهِّلَةٌ عَلَى الْفُسَّاقِ أَنْ يَحْلِفُوا بِهَا كَاذِبِينَ.
وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ تَعْظِيمُ اللَّهِ تَعَالَى وَالتَّوْحِيدُ لَهُ يُوَازِنُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُوَازِنَهُ مِنْ الْمَعَاصِي فَيُذْهِبُهَا.
قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] .
وَذَكَرُوا حَدِيثًا آخَرَ: رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبِي نا إبْرَاهِيمُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - رَأَى عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَجُلًا يَسْرِقُ فَقَالَ لَهُ أَسَرَقْتَ فَقَالَ: لَا، وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ فَقَالَ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: آمَنْتُ بِاَللَّهِ وَكَذَّبْتُ بَصَرِي» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَحَتَّى لَوْ صَحَّ هَذَا، فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَهُ بِأَنْ يَحْلِفَ كَذَلِكَ فِي خُصُومَةٍ - ثُمَّ لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِيهِ فَشَرِيعَةُ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا تَلْزَمُنَا، إنَّمَا يَلْزَمُنَا مَا أَتَانَا بِهِ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -.
وَذَكَرُوا الْخَبَرَ الَّذِي رُوِّينَاهُ أَيْضًا: مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا عَمْرُو بْنُ هِشَامٍ الْحَرَّانِيُّ نا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ فَذَكَرَ «أَنَّهُ قَتَلَ أَبَا جَهْلٍ يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: آللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ، قُلْت: آللَّهِ