المحلي بالاثار (صفحة 3670)

وَقَالَ مَالِكٌ: يُحَلَّفُونَ فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا فِي مَكَّةَ عِنْدَ الْمَقَامِ، وَفِي الْمَدِينَةِ عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّا سَائِرُ أَهْلِ الْبِلَادِ فَحَيْثُ يُعَظَّمُ مِنْ الْجَوَامِعِ - وَتَخْرُجُ الْمَرْأَةُ الْمَسْتُورَةُ لِذَلِكَ لَيْلًا.

وَأَمَّا مَا دُونَ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَفِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ.

وَيُحَلَّفُ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ " بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ ".

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: يُحَلَّفُ الْمُسْلِمُ " بِاَللَّهِ " فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ فِي الْمُصْحَفِ.

وَأَمَّا الْكَافِرُ فَكَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيهِمْ سَوَاءٌ سَوَاءٌ.

وَمَا رُوِّينَا مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ إلَّا عَنْ شُرَيْحٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ نا هُشَيْمٌ، نا دَاوُد عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ شُرَيْحٍ: أَنَّهُ قَالَ فِي كَلَامٍ كَثِيرٍ " وَيَمِينُك بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ " يَعْنِي عَلَى الْمَطْلُوبِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ فِيمَا يُسْتَحْلَفُ بِهِ الْمُسْلِمُ فَمَا نَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَخَذَاهُ، وَلَا مُتَعَلَّقَ لَهُمْ فِيهِ بِقُرْآنٍ، وَلَا بِسُنَّةٍ صَحِيحَةٍ، وَلَا سَقِيمَةٍ، وَلَا بِقَوْلِ أَحَدٍ قَبْلَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قُلْنَا عَلَى سَبِيلِ التَّأْكِيدِ فِي الْيَمِينِ.

قُلْنَا: مَا هَذَا بِتَأْكِيدٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذَا ذُكِرَ بِاسْمِهِ اقْتَضَى الْقُدْرَةَ وَالْعِلْمَ وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ، وَأَنَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، وَاقْتَضَى كُلَّ مَا يُخْبَرُ بِهِ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْلُكُوا مَسْلَكَ الدُّعَاءِ وَالتَّعَبُّدِ فَكَانَ أَوْلَى بِكُمْ أَنْ تَزِيدُوا مَا زَادَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذْ يَقُولُ: {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الحشر: 23] الْآيَةَ، فَزِيدُوا هَكَذَا حَتَّى تَفْنَى أَعْمَارُكُمْ، وَتَنْقَطِعَ أَنْفَاسُكُمْ، وَإِنَّمَا نَحْنُ فِي مَكَانِ حُكْمٍ لَا فِي تَفَرُّغٍ لِذِكْرٍ وَعِبَادَةٍ.

ثُمَّ أَغْرَبُ شَيْءٍ زِيَادَةُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى: " الطَّالِبَ الْغَالِبَ " فَمَا نَدْرِي مِنْ أَيْنَ وَقَعَ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ بِمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ، وَلَا نُدِبَ إلَيْهِ -: كَثُرَ خَطَؤُهُ - وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الضَّلَالِ.

فَإِنْ قَالُوا: قَصَدْنَا بِذَلِكَ التَّغْلِيظَ قُلْنَا: فَاجْلُبُوهُمْ مِنْ الْعِرَاقِ وَغَيْرِهَا إلَى مَكَّةَ فَهُوَ أَشَدُّ تَغْلِيظًا كَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، أَوْ حَلِّفُوهُمْ فِي الْمُصْحَفِ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، فَهُوَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015