المحلي بالاثار (صفحة 3656)

فَكَيْفَ وَقَدْ خَالَفُوا عُثْمَانَ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ نَفْسِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُجِزْ الْبَيْعَ بِالْبَرَاءَةِ إلَّا فِي عَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْهُ الْبَائِعُ - وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِكُمْ.

وَمِنْ الْعَجَبِ أَنْ يَكُونَ حُكْمُ عُثْمَانَ بَعْضُهُ حُجَّةٌ وَبَعْضُهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ، هَذَا عَلَى أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ رَوَى هَذَا الْخَبَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ سَالِمِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ فِيهِ، عَنْ أَبِيهِ: فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَارْتَجَعَ الْعَبْدَ فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ اخْتَارَ أَنْ يَرْتَجِعَ الْعَبْدَ، فَرَدَّهُ إلَيْهِ عُثْمَانُ بِرِضَاهُ -.

فَبَطَلَ بِهَذَا أَنْ يَصِحَّ عَنْ عُثْمَانَ الْقَضَاءُ بِالنُّكُولِ.

وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي مُوسَى فَأَسْقَطُ مِنْ أَنْ يُعْرَفَ أَوْ يُدْرَى مَخْرَجُهَا.

وَأَمَّا ابْنُ عُمَرَ فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ الْخَبَرِ: أَنَّهُ رَأَى الْحُكْمَ بِالنُّكُولِ جَائِزًا، وَإِنَّمَا فِيهِ: أَنَّهُ حُكْمُ عُثْمَانُ، وَأَنْتُمْ مُخَالِفُونَ لِعُثْمَانَ فِي ذَلِكَ الْحُكْمِ بِعَيْنِهِ.

وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فَلَا مُتَعَلَّقَ لَكُمْ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَلْزَمَ الْغَرَامَةَ بِالنُّكُولِ، إنَّمَا فِيهِ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَمَرَ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهَا فَأَبَتْ، فَأَلْزَمَهَا ذَلِكَ - وَهَذِهِ إشَارَةٌ إلَى الْيَمِينِ، إذْ لَيْسَ لِلْغَرَامَةِ فِي الْخَبَرِ ذِكْرٌ أَصْلًا، فَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ مُوَافِقٌ لِقَوْلِنَا، لَا لِقَوْلِكُمْ.

فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّ أَبَا نُعَيْمٍ رَوَى عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَسَدِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ هَذَا الْخَبَرَ، فَذَكَرَ فِيهِ: فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ فَضَمِّنْهَا.

قِيلَ لَهُ: إسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَسَدِيُّ مَجْهُولٌ - لَا يَدْرِي أَحَدٌ مَنْ هُوَ - وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَسَدِيُّ - مَتْرُوكٌ مُطَرَّحٌ.

فَبَطَلَ أَنْ يَصِحَّ فِي هَذَا شَيْءٌ عَنْ الصَّحَابَةِ أَصْلًا.

فَبَطَلَ الْقَوْلُ بِأَنْ يُقْضَى بِالْغَرَامَةِ عَلَى النَّاكِلِ لِتَعَرِّيهِ مِنْ الْأَدِلَّةِ -.

وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِرَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الطَّالِبِ -: فَكَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ عَفَّانَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدَ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: اسْتَسْلَفَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ سَبْعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَلَمَّا قَضَاهُ أَتَاهُ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ، فَقَالَ عُثْمَانُ: إنَّهَا سَبْعَةُ آلَافٍ فَقَالَ الْمِقْدَادُ: مَا كَانَتْ إلَّا أَرْبَعَةَ آلَافٍ، فَارْتَفَعَا إلَى عُمَرَ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015