المحلي بالاثار (صفحة 3637)

وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْجَاهِلِ مِنْ الْعَامَّةِ تَنْزِلُ بِهِ النَّازِلَةُ فَيَسْأَلُ مَنْ يُوصِفُ لَهُ بِعِلْمِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَيَأْخُذُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ أَنْ يُخْبِرَهُ أَنَّهُ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ أَنَّ الْعَامِّيَّ مُكَلَّفٌ فِي تِلْكَ النَّازِلَةِ عَمَلًا مَا قَدْ افْتَرَضَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُفْسَحْ لَهُ فِي إهْمَالِهِ فَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَنْ يَبْلُغَ فِي ذَلِكَ حَيْثُ بَلَغَ وُسْعُهُ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَلْزَمْهُ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] .

وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَبِضِدِّ هَذَا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ مَا لَا يَدْرِي مِنْ الْحُكْمِ بَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ، بَلْ هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا كَلَّفَهُ اللَّهُ تَعَالَى سِوَاهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.

[مَسْأَلَة فِيمَا يَجِب الْحُكْمِ بِهِ]

1780 - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ الْحُكْمُ بِقِيَاسٍ، وَلَا بِالرَّأْيِ وَلَا بِالِاسْتِحْسَانِ وَلَا بِقَوْلِ أَحَدٍ مِمَّنْ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ أَنْ يُوَافِقَ قُرْآنًا أَوْ سُنَّةً صَحِيحَةً؛ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ حُكْمٌ بِغَالِبِ الظَّنِّ.

وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يونس: 36] .

وَقَالَ تَعَالَى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} [النجم: 23] .

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ» .

فَإِنْ قِيلَ: فَإِنَّكُمْ فِي أَخْذِكُمْ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ مُتَّبِعُونَ لِلظَّنِّ.

قُلْنَا: كَلًّا، بَلْ لِلْحَقِّ الْمُتَيَقَّنِ، قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: 9] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015