وَهِبَتُهُمَا، وَعِتْقُهُمَا فِي الثُّلُثِ - وَقَالَ فِيمَنْ اشْتَرَى ابْنَهُ فِي مَرَضِهِ وَفِي صِفَةِ الْمَرَضِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ سَوَاءً سَوَاءً.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: لِلْمَرِيضِ أَنْ يَقْضِيَ غُرَمَاءَهُ بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْضٍ.
وَقَالَا جَمِيعًا فِي الْحَامِلِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ فِي أَفْعَالِ الْمَرِيضِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَكَذَلِكَ فِي صِفَةِ الْمَرِيضِ.
وَقَالَ فِي الْأَسِيرِ يُقَدَّمُ لِلْقَتْلِ، وَالْمُقْتَحِمِ فِي الْقِتَالِ، وَمَنْ كَانَ فِي أَيْدِي قَوْمٍ يَقْتُلُونَ الْأَسْرَى مَرَّةً أَنَّهُمْ كَالْمَرِيضِ، وَمَرَّةً أُخْرَى أَنَّهُمْ كَالصَّحِيحِ، إذْ قَدْ يَسْلَمُونَ مِنْ الْقَتْلِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ، وَالثَّوْرِيُّ: إذَا الْتَقَى الصَّفَّانِ فَأَفْعَالُهُمْ كَالْمَرِيضِ
وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ: أَفْعَالُ الْمَرِيضِ فِي مَالِهِ مِنْ الثُّلُثِ.
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: أَفْعَالُ الْمَرِيضِ كُلُّهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ كَالصَّحِيحِ، وَكَذَلِكَ الْحَامِلُ، وَكُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا - حَاشَ عِتْقِ الْمَرِيضِ وَحْدَهُ - فَهُوَ مِنْ الثُّلُثِ أَفَاقَ أَوْ مَاتَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ: فِيمَنْ يَشْتَرِي ابْنَهُ فِي مَرَضِهِ فَقَوْلٌ لَا نَعْلَمُهُ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ قَبْلَهُمَا، بَلْ قَدْ قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: إنَّهُ يُشْتَرَى مِنْ مَالِ أَبِيهِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَيَرِثُ كَسَائِرِ الْوَرَثَةِ - وَإِنَّ فِي قَوْلِهِمَا هَذَا لَأُعْجُوبَةً، لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو شِرَاؤُهُ لِابْنِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَصِيَّةً أَوْ لَا يَكُونَ وَصِيَّةً، فَإِنْ كَانَ وَصِيَّةً فَلَا يَجِبُ أَنْ يَرِثَ أَصْلًا حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ لَمْ يَحْمِلْهُ؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ وَصِيَّةً فَيَنْبَغِي أَنْ يَرِثَ كَسَائِرِ الْوَرَثَةِ وَلَا فَرْقَ، وَإِنَّ قَوْلَهُمَا هَاهُنَا لَفِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَمُخَالَفَةِ النُّصُوصِ.
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ - فِي الْحَامِلِ فَقَوْلٌ أَيْضًا لَا نَعْلَمُهُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُمَا وَأَطْرَفُ شَيْءٍ احْتِجَاجُ بَعْضِهِمْ لِهَذَا الْقَوْلِ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {حَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ} [الأعراف: 189] .
فَقُلْنَا: يَا هَؤُلَاءِ، وَمَنْ لَكُمْ بِأَنَّ الْإِثْقَالَ هُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ.
ثُمَّ هَبْكُمْ أَنَّهُ إثْقَالٌ، لَا مَا قَبْلَهُ، فَكَانَ مَاذَا؟ وَمِنْ أَيْنَ وَجَبَ مَنْعُهَا مِنْ التَّصَرُّفِ فِي جَمِيعِ مَالِهَا إذَا أَثْقَلَتْ؟