كِتَابُ فِعْلِ الْمَرِيضِ مَرَضًا يَمُوتُ مِنْهُ أَوْ الْمَوْقُوفِ لِلْقَتْلِ، أَوْ الْحَامِلِ، أَوْ الْمُسَافِرِ فِي أَمْوَالِهِمْ 1772 - مَسْأَلَةٌ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: كُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا فَكُلُّ مَا أَنَفَذُوا فِي أَمْوَالِهِمْ مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ مُحَابَاةٍ فِي بَيْعٍ أَوْ هَدِيَّةٍ - أَوْ إقْرَارٍ: كَانَ كُلُّ ذَلِكَ لِوَارِثٍ، أَوْ لِغَيْرِ وَارِثٍ، أَوْ إقْرَارٍ بِوَارِثٍ، أَوْ عِتْقٍ - أَوْ قَضَاءِ بَعْضِ غَرَائِمِهِ دُونَ بَعْضٍ - كَانَ عَلَيْهِمْ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ - فَكُلُّهُ نَافِذٌ مِنْ رُءُوسِ أَمْوَالِهِمْ، كَمَا قَدَّمْنَا فِي الْأَصِحَّاءِ الْآمِنِينَ الْمُقِيمِينَ، وَلَا فَرْقَ فِي شَيْءٍ أَصْلًا، وَوَصَايَاهُمْ كَوَصَايَا الْأَصِحَّاءِ وَلَا فَرْقَ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} [الحج: 77] وَحَضُّهُ عَلَى الصَّدَقَةِ وَإِحْلَالُهُ الْبَيْعَ وقَوْله تَعَالَى: {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237] وَلَمْ يَخُصَّ عَزَّ وَجَلَّ صَحِيحًا مِنْ مَرِيضٍ، وَلَا حَامِلًا مِنْ حَائِلٍ، وَلَا آمِنًا مِنْ خَائِفٍ، وَلَا مُقِيمًا مِنْ مُسَافِرٍ: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64] .
وَلَوْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى تَخْصِيصَ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَبَيَّنَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَإِذْ لَمْ يَفْعَلْ فَنَحْنُ نَشْهَدُ بِشَهَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الصَّادِقَةِ: إنَّهُ تَعَالَى مَا أَرَادَ قَطُّ تَخْصِيصَ أَحَدٍ مِمَّنْ ذَكَرْنَا - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ - فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ نَحَلَهَا جَادَ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِهِ بِالْغَابَةِ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لَهَا: إنِّي كُنْت نَحَلْتُك جَادَ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِي بِالْغَابَةِ، فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِيهِ وَحُزْتِيهِ كَانَ لَك، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمُ مَالُ الْوَارِثِ، فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى.