فِي عَوْدَتِهِ، فَلَوْ أَخْرَجَ بَعْضَهُ عَنْ مِلْكِهِ، بَطَلَ الْعَقْدُ فِيمَا سَقَطَ مِلْكُهُ عَنْهُ، وَبَقِيَ الْعَقْدُ فِيمَا بَقِيَ فِي مِلْكِهِ.
1769 - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ أَوْصَى لِأُمِّ وَلَدِهِ مَا لَمْ تُنْكَحْ فَهُوَ بَاطِلٌ، إلَّا أَنْ يَكُونَ يُوقِفُ عَلَيْهَا وَقْفًا مِنْ عَقَارِهِ، فَإِنْ نَكَحَتْ فَلَا حَقَّ لَهَا فِيهِ، لَكِنْ يَعُودُ الْوَقْفُ إلَى وَجْهٍ آخَرَ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ، فَهَذَا جَائِزٌ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا -: فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ فِيمَنْ أَوْصَى لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ بِأَرْضٍ يَأْكُلْنَهَا فَإِنْ نَكَحْنَ فَهِيَ لِلْوَرَثَةِ؟ قَالَ: تَجُوزُ وَصِيَّتُهُ عَلَى شَرْطِهِ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ أَوْصَى لِأُمِّ وَلَدِهِ بِمَالٍ سَمَّاهُ عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ أَبَدًا؟ قَالَ: إنْ تَزَوَّجَتْ فَلَا شَيْءَ لَهَا - وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا كُلُّهُ خَطَأٌ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ» وَهَذَا شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ هَلْ يَسْتَحِقُّ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ أَمْ لَا إلَّا بِمَوْتِهَا، وَهِيَ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا تَمْلِكُ شَيْئًا وَلَا تَسْتَحِقُّهُ.
وَأَيْضًا - فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ تَكُونَ مَلَكَتْ مَا أَوْصَى لَهَا بِهِ أَوْ لَمْ تَمْلِكْهُ؟ فَإِنْ كَانَتْ مَلَكَتْهُ فَلَا يَجُوزُ إزَالَةُ مِلْكِهَا عَنْ يَدِهَا بَعْدَ صِحَّتِهِ بِغَيْرِ نَصٍّ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَمْلِكْهُ فَلَا يَحِلُّ أَنْ تُعْطَى مَا لَيْسَ لَهَا؟ وَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ.
وَأَمَّا إدْخَالُهَا فِي الْوَقْفِ بِصِفَةٍ فَهَذَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ تَسْبِيلُ وُقُوفٍ فِيهِ عِنْدَ حَدِّ الْمُسَبَّلِ، وَلَيْسَ تَمْلِيكًا لِرَقَبَةِ الْوَقْفِ -.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهَا مَا اسْتَحَقَّتْ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ، لِأَنَّهَا قَدْ مَلَكَتْهُ، فَلَوْ أَوْصَى بِذَلِكَ كَانَتْ وَصِيَّتُهُ بِذَلِكَ بَاطِلًا.