مَنْ فَعَلَهُ فَقَطْ، وَنَعَمْ، فَهُوَ مُنْكَرٌ بِلَا شَكٍّ، وَحُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى نَافِذَةٌ فِي مَالِهِ وَلَا بُدَّ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
1768 - مَسْأَلَةٌ: وَجَائِزٌ لِلْمُوصِي أَنْ يَرْجِعَ فِي كُلِّ مَا أَوْصَى بِهِ إلَّا الْوَصِيَّةُ بِعِتْقِ مَمْلُوكٍ لَهُ يَمْلِكُهُ حِينَ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ أَصْلًا إلَّا بِإِخْرَاجِهِ إيَّاهُ عَنْ مِلْكِهِ بِهِبَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ التَّمْلِيكِ.
وَأَمَّا مَنْ أَوْصَى بِأَنْ يُعْتِقَ عَنْهُ رَقَبَةً فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ نا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: يُحْدِثُ اللَّهُ فِي وَصِيَّتِهِ مَا شَاءَ، وَمَلَاكُ الْوَصِيَّةِ آخِرُهَا.
وَصَحَّ عَنْ طَاوُسٍ، وَعَطَاءٍ، وَأَبِي الشَّعْثَاءِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَقَتَادَةَ، وَالزُّهْرِيِّ: أَنَّ لِلْمُوصِي أَنْ يَرْجِعَ فِي وَصِيَّتِهِ عِتْقًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ -.
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ آخَرُونَ: بِخِلَافِ ذَلِكَ -: رُوِّينَا عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِيمَنْ أَوْصَى إنْ مَاتَ أَنْ يُعْتَقَ غُلَامٌ لَهُ؟ فَقَالَ: أَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ فِي الرِّقِّ، وَلَيْسَ الْعِتْقُ كَسَائِرِ الْوَصِيَّةِ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَالضَّحَّاكِ بْنِ مَخْلَدٍ، كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كُلُّ صَاحِبِ وَصِيَّةٍ يَرْجِعُ فِيهَا إلَّا الْعَتَاقَةَ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ابْنِ شُبْرُمَةَ وَغَيْرِهِ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالُوا: كُلُّ صَاحِبِ وَصِيَّةٍ يَرْجِعُ فِيهَا إلَّا الْعَتَاقَةَ - وَبِهِ يَقُولُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: احْتَجَّ الْمُجِيزُونَ لِلرُّجُوعِ فِي الْعِتْقِ فِي الْوَصِيَّةِ بِأَنَّهُ قَوْلُ صَاحِبٍ لَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَبِأَنَّهُمْ قَاسُوهُ عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا - مَا نَعْلَمُ لَهُمْ شَيْئًا تَعَلَّقُوا بِهِ غَيْرَ هَذَا، وَكُلُّهُ لَا مُتَعَلِّقَ لَهُمْ بِهِ
أَمَّا قَوْلُهُمْ: إنَّهُ قَوْلُ صَاحِبٍ لَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ؟ فَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَرُبَّ قَضِيَّةٍ خَالَفُوا فِيهَا عُمَرَ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ