وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ نا أَبُو النُّعْمَانِ - هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَارِمٌ - نا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: يَزْعُمُونَ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَسَخَتْ: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى} [النساء: 8] فَلَا وَاَللَّهِ مَا نَسَخَتْ وَلَكِنَّهَا مِمَّا تَهَاوَنَ النَّاسُ بِهَا، هُمَا وَالِيَانِ: وَالٍ يَرِثُ، وَذَاكَ الَّذِي يُرْزَقُ، وَوَالٍ لَا يَرِثُ، فَذَلِكَ الَّذِي يَقُولُ بِالْمَعْرُوفِ، يَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَك أَنْ أُعْطِيَك.
وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الْقَاضِي نا مَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ نا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ نا حَجَّاجُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} [النساء: 8] قَالَ: هِيَ وَاجِبَةٌ يُعْمَلُ بِهَا وَقَدْ أَعْطَيْت بِهَا.
وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ نا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ نا أَبُو عَاصِمٍ - هُوَ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ - نا ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَالْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَخْبَرَاهُ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَسَمَ مِيرَاثَ أَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَائِشَةُ يَوْمَئِذٍ حَيَّةٌ، فَلَمْ يَدَعْ فِي الدَّارِ مِسْكِينًا، وَلَا ذَا قَرَابَةٍ إلَّا أَعْطَاهُمْ، وَتَلَا: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} [النساء: 8] وَذَكَرَ بَاقِيَ الْحَدِيثِ.
وَصَحَّ أَيْضًا: عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالْحَسَنِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، وَالْعَلَاءِ بْنِ بَدْرٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُجَاهِدٍ.
وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ.
وَرُوِيَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَأَبِي مَالِكٍ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ - وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَمَا نَعْلَمُ لِأَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ حُجَّةً أَصْلًا، بَلْ هُوَ دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ، وَمَا يَفْهَمُ أَحَدٌ مِنْ: افْعَلْ -: إنْ شِئْت فَلَا تَفْعَلْ.
وَلَيْسَ وُجُودُنَا آيَاتٍ قَامَ الْبُرْهَانُ عَلَى أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، أَوْ مَخْصُوصَةٌ، أَوْ أَنَّهَا نَدْبٌ، بِمُوجِبِ أَنْ يُقَالَ فِيمَا لَا دَلِيلَ بِذَلِكَ فِيهِ: هَذَا نَدْبٌ، أَوْ هَذَا مَنْسُوخٌ، أَوْ هَذَا مَخْصُوصٌ، فَيَكُونُ قَوْلًا بِالْبَاطِلِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.