فَإِذْ لِكُلِّ وَارِثٍ نَصِيبٌ مَفْرُوضٌ - مِمَّا قَلَّ أَوْ كَثُرَ - فَحَرَامٌ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ وَإِعْطَاؤُهُ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ نَصٍّ وَارِدٍ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ نَجِدْ لِهَذَا الْقَوْلِ حُجَّةً أَصْلًا إلَّا الَّتِي سَلَفَتْ قَبْلُ مِمَّا قَدْ أَبْطَلْنَاهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
ثُمَّ نَظَرْنَا فِي الْأَقْوَالِ الْبَاقِيَةِ مِنْ مُقَاسَمَةِ الْجَدِّ الْإِخْوَةَ إلَى اثْنَيْ عَشَرَ، أَوْ إلَى ثَمَانِيَةٍ، أَوْ إلَى سَبْعَةٍ، أَوْ إلَى سِتَّةٍ، أَوْ إلَى ثَلَاثَةٍ -: فَوَجَدْنَاهَا كُلَّهَا عَارِيَّةً مِنْ الدَّلِيلِ، لَا يُوجِبُ شَيْئًا مِنْهَا، لَا قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ، وَلَا رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ، وَلَا دَلِيلُ إجْمَاعٍ، وَلَا نَظَرٍ، وَلَا قِيَاسٍ.
ثُمَّ وَجَدْنَا أَكْثَرَهَا لَا يَصِحُّ - عَلَى مَا نُبَيِّنُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
أَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عِمْرَانَ، وَأَبِي مُوسَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، فَغَيْرُ مَعْرُوفَةٍ - يَعْنِي فِي مُقَاسَمَةِ الْجَدِّ اثْنَيْ عَشَرَ أَخًا لَهُ سَهْمٌ كَسَهْمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ.
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّهُ يُقَاسِمُهُمْ إلَى سَبْعَةٍ فَيَكُونُ لَهُ الثُّمُنُ، فَفِيهَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَقَدْ تُكُلِّمَ فِيهِ.
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عَلِيٍّ فِي الْمُقَاسَمَةِ بَيْنَ الْجَدِّ وَسِتَّةِ إخْوَةٍ فَيَكُونُ لَهُ السُّبْعُ فَصَحِيحَةٌ إلَى الشَّعْبِيِّ، ثُمَّ لَا يَصِحُّ لِلشَّعْبِيِّ سَمَاعٌ مِنْ عَلِيٍّ أَصْلًا، وَلَمْ يَذْكُرْ مَنْ أَخْبَرَهُ عَنْ عَلِيٍّ.
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ فِي مُقَاسَمَةِ الْجَدِّ الْإِخْوَةَ إلَى خَمْسَةٍ، فَيَكُونُ لَهُ السُّدُسُ، فَهِيَ ثَابِتَةٌ عَنْهُمْ مِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نَضْلَةَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ.
وَمِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيٍّ.
وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ عَلِيٍّ لِلْجَدِّ الثُّلُثُ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا مُنْقَطِعَةٌ عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ عَلِيًّا، وَقَتَادَةَ: لَمْ يُولَدْ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
وَأُمًّا الرِّوَايَةُ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ: بِمُقَاسَمَةِ الْجَدِّ الْإِخْوَةَ إلَى الثُّلُثِ، فَإِنَّمَا جَاءَتْ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ: أَنَّ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَأَنَّ زَيْدًا كَتَبَ إلَى مُعَاوِيَةَ - وَلَمْ يُدْرِكْ يَحْيَى أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ.
وَمِنْ طَرِيقِ إبْرَاهِيمَ: أَنَّ عُمَرَ - وَهَذَا مُنْقَطِعٌ.