المحلي بالاثار (صفحة 3528)

وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عِيسَى الْحَنَّاطِ عَنْ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ زَيْدًا عَنْ الْجَدِّ؟ فَضَرَبَ لَهُ زَيْدٌ مَثَلًا: شَجَرَةً خَرَجَتْ لَهَا أَغْصَانٌ، قَالَ الشَّعْبِيُّ: فَذَكَرَ شَيْئًا لَا أَحْفَظُهُ، فَجَعَلَ لَهُ الثُّلُثَ، قَالَ سُفْيَانُ: بَلَغَنِي أَنَّهُ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ شَجَرَةٌ أَنْبَتَتْ كَالشُّعَبِ مِنْهَا غُصْنٌ، فَالشُّعَبُ مِنْ الْغُصْنِ غُصْنَانِ، فَمَا جُعِلَ الْغُصْنُ الْأَوَّلُ أَوْلَى مِنْ الْغُصْنِ الثَّانِي - وَقَدْ خَرَجَ الْغُصْنَانِ جَمِيعًا مِنْ الْغُصْنِ الْأَوَّلِ؟ ثُمَّ سَأَلَ عَلِيًّا؟ فَضَرَبَ لَهُ مَثَلًا: وَادِيًا سَالَ فِيهِ سَيْلٌ، فَجَعَلَهُ أَخًا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ سِتَّةٍ: فَأَعْطَاهُ السُّدُسَ.

وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ الْقَاضِي نا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمَّا اسْتَشَارَ فِي مِيرَاثٍ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ؟ قَالَ زَيْدٌ: وَكَانَ رَأْيِي يَوْمَئِذٍ أَنَّ الْإِخْوَةَ أَحَقُّ بِمِيرَاثِ أَخِيهِمْ مِنْ الْجَدِّ؟ وَعُمَرُ يَوْمَئِذٍ يَرَى الْجَدَّ أَوْلَى بِمِيرَاثِ ابْنِ ابْنِهِ مِنْ إخْوَتِهِ فَتَحَاوَرْت - أَنَا وَعُمَرُ مُحَاوَرَةً شَدِيدَةً، فَضَرَبْت لَهُ فِي ذَلِكَ مَثَلًا، فَقُلْت: لَوْ أَنَّ شَجَرَةً تَشَعَّبَ مِنْ أَصْلِهَا غُصْنٌ، ثُمَّ تَشَعَّبَ مِنْ ذَلِكَ الْغُصْنِ خُوطَانِ ذَلِكَ الْغُصْنُ يَجْمَعُ الْخُوطَيْنِ دُونَ الْأَصْلِ وَيَغْذُوهُمَا، أَلَا تَرَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ أَحَدَ الْخُوطَيْنِ أَقْرَبُ إلَى أَخِيهِ مِنْهُ إلَى الْأَصْلِ؟ قَالَ زَيْدٌ: فَأَنَا أُعِيدُ لَهُ، وَأَضْرِبُ لَهُ هَذِهِ الْأَمْثَالَ، وَهُوَ يَأْبَى إلَّا أَنَّ الْجَدَّ أَوْلَى مِنْ الْإِخْوَةِ وَيَقُولُ: وَاَللَّهِ لَوْ أَنِّي قَضَيْته لِبَعْضِهِمْ لَقَضَيْت بِهِ لِلْجَدِّ كُلِّهِ، وَلَكِنِّي لَعَلِّي لَا أُخَيِّبُ سَهْمَ أَحَدٍ، وَلَعَلَّهُمْ أَنْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ ذَوِي حَقٍّ، وَضَرَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ يَوْمَئِذٍ لِعُمَرَ مَثَلًا، مَعْنَاهُ: لَوْ أَنَّ سَيْلًا سَالَ فَخَلَجَ مِنْهُ خَلِيجٌ، ثُمَّ خَلَجَ مِنْ ذَلِكَ الْخَلِيجِ شُعْبَتَانِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: مِيرَاثُ الْإِخْوَةِ مَنْصُوصٌ فِي الْقُرْآنِ وَلَيْسَ مِيرَاثُ الْجَدِّ مَنْصُوصًا فِي الْقُرْآنِ فَبَاطِلٌ، بَلْ مِيرَاثُ الْجَدِّ مَنْصُوصٌ فِي الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 27] فَجَعَلَنَا بَنِينَ لِآدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَجَعَلَهُ أَبًا لَنَا - وَهُوَ أَبْعَدُ جَدٍّ لَنَا - فَالْجَدُّ أَبٌ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: 11]

{وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015