وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] قَالَ: إنْ أَقَامُوا الصَّلَاةَ. وَمِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ - هُوَ الثَّوْرِيُّ - عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] قَالَ: دِينٌ وَأَمَانَةٌ. وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: الْإِسْلَامُ وَالْوَفَاءُ - وَجَاءَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ الْمَالُ - وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَطَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَأَبِي رَزِينٍ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: كِلَا الْأَمْرَيْنِ - وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ أَخِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ - وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، إلَّا أَنَّهُ نَاقَضَ فِي مَسَائِلِهِ.
وَأَمَّا الْحَنَفِيُّونَ، وَالْمَالِكِيُّونَ: فَكَانَ شَرْطُ اللَّهِ هَاهُنَا مُلْغًى، لَا مَعْنَى لَهُ، فَسُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ شَرْطَهُ عِنْدَهُمْ ضَائِعًا، وَشُرُوطَهُمْ الْفَاسِدَةَ عِنْدَهُمْ لَازِمَةً، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُبِيحُونَ كِتَابَةَ الْكَافِرِ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ، وَهُوَ بِلَا شَكٍّ خَارِجٌ عَنْ الْآيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا خَيْرَ فِيهِ أَصْلًا، وَخَارِجٌ عَنْ قَوْلِ كُلِّ مَنْ سَلَفَ، وَهَذَا مِمَّا فَارَقُوا فِيهِ مَنْ حُفِظَ عَنْهُ قَوْلٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَمِنْ طَرَائِفِ الدُّنْيَا: احْتِجَاجُ بَعْضِهِمْ بِأَنْ قَالَ: قِسْنَا مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ عَلَى مَنْ فِيهِ خَيْرٌ. قَالَ عَلِيٌّ: فَهَلْ سُمِعَ بِأَسْخَفَ مِنْ هَذَا الْقِيَاسِ؟ وَإِنَّمَا قَالُوا بِالْقِيَاسِ فِيمَا يُشْبِهُ الْمَقِيسَ عَلَيْهِ لَا فِيمَا لَا يُشْبِهُهُ. وَهَلَّا قَاسُوا مَنْ يَسْتَطِيعُ " الطَّوْلَ " فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ عَلَى مَنْ لَا يَسْتَطِيعُهُ؟