وَالْعَجَبُ مِنْ الْحَنَفِيِّينَ الَّذِينَ لَمْ يَرَوْا قَوْلَ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ " أَخْطَأَ ضَمْرَةُ فِي حَدِيثِهِ عَنْ سُفْيَانَ: مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمَةٍ فَهُوَ حُرٌّ ". وَقَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ يَدَّعِيَ الْخَطَأَ عَلَى الثِّقَةِ بِلَا بُرْهَانٍ ثُمَّ تَعَلَّقُوا بِقَوْلِ أُولَئِكَ أَنْفُسِهِمْ هَاهُنَا أَخْطَأَ عُبَيْدُ اللَّهِ، وَتَعَلَّقَ الْمَالِكِيُّونَ بِقَوْلِهِمْ: أَخْطَأَ ضَمْرَةُ، وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إلَى قَوْلِهِمْ: أَخْطَأَ عُبَيْدُ اللَّهِ، فَهَلْ فِي التَّلَاعُبِ بِالدِّينِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ؟ وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْعَافِيَةَ.
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّونَ: فَرَدُّوا الْخَبَرَيْنِ مَعًا، وَأَخَذُوا فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ بِالْخَطَأِ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
1679 - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ لِلْأَبِ عِتْقُ عَبْدِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَلَا لِلْوَصِيِّ عِتْقُ عَبْدِ يَتِيمِهِ أَصْلًا - وَهُوَ مَرْدُودٌ إنْ فَعَلَا لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: 164] ، وَقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» ، وَمَا أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ لِلْأَبِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ دُونَ الْكَبِيرِ قَدْرَ ذَرَّةٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ - وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ. وَقَالَ مَالِكٌ: يُعْتِقُ عَبْدَ صَغِيرٍ وَلَا يُعْتِقُ عَبْدَ كَبِيرٍ - وَهَذَا فِي غَايَةِ الْفَسَادِ، إذْ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا سُنَّةٍ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
1680 - مَسْأَلَةٌ: وَعِتْقُ الْعَبْدِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ، لِعَبْدِهِمَا جَائِزٌ، وَالْوَلَاءُ لَهُمَا، يَدُورُ مَعَهُمَا حَيْثُ دَارَا، وَمِيرَاثُ الْعِتْقِ لِأَوْلَى النَّاسِ بِالْعَبْدِ مِنْ أَحْرَارِ عَصَبَتِهِ، أَوْ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ. فَإِذَا أُعْتِقَ فَإِنْ مَاتَ فَالْمِيرَاثُ لَهُ، أَوْ لِمَنْ أَعْتَقَهُ، أَوْ لِعَصَبَتِهِمَا؛ لِأَنَّنَا قَدْ بَيَّنَّا صِحَّةَ الْمِلْكِ لِلْعَبْدِ وَإِذْ هُوَ مَالِكٌ فَهُوَ مَنْدُوبٌ إلَى فِعْلِ الْخَيْرِ مِنْ الصَّدَقَةِ، وَالْعِتْقِ، وَسَائِرِ أَعْمَالِ الْبِرِّ. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» . وَنَصَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَرِثُ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي " كِتَابِ الْمَوَارِيثِ " إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَفِي " الْمُكَاتَبِ " بَعْدَ هَذَا - بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُوَّتِهِ، فَهُوَ