وَرُوِيَ أَيْضًا: عَنْ الْقَاسِمِ، وَسَالِمٍ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَرَبِيعَةَ، وَأَبِي الزِّنَادِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِي وَمَكْحُولٍ مِثْلُ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ يَحْيَى: عَلَى هَذَا أَدْرَكْت النَّاسَ، وَقَالَ رَبِيعَةُ، وَأَبُو الزِّنَادِ، سَوَاءٌ عَلِمَ سَيِّدُهُ مَالَهُ أَوْ جَهِلَهُ - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ. وَقَالَ مَالِكٌ: مَالُ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ لَهُ، وَأَمَّا أَوْلَادُهُ فَلِسَيِّدِهِ، وَكَذَلِكَ حَمْلُ أُمِّ وَلَدِهِ - وَلَوْ أَنَّهُ بَعْدَ عِتْقِهِ أَرَادَ عِتْقَ أُمِّ وَلَدِهِ لَمْ يَقْدِرْ لِأَنَّ حَمْلَهَا رَقِيقٌ. وَقَالَ: هِيَ السُّنَّةُ الَّتِي لَا اخْتِلَافَ فِيهَا، أَنَّ الْعَبْدَ إذَا أُعْتِقَ يَتْبَعُهُ مَالُهُ وَلَمْ يَتْبَعْهُ وَلَدُهُ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الْعَبْدَ وَالْمُكَاتَبَ إذَا فَلَّسَا أَوْ جُرِحَا أُخِذَ مَالُهُمَا وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِمَا، وَلَمْ يُؤْخَذْ أَوْلَادُهُمَا، وَأَنَّ الْعَبْدَ إذَا بِيعَ وَاشْتَرَطَ الْمُبْتَاعُ مَالَهُ كَانَ لَهُ، وَلَمْ يَدْخُلْ وَلَدُهُ فِي الشَّرْطِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مَا رَأَيْنَا حُجَّةً أَفْقَرَ إلَى حُجَّةٍ مِنْ هَذِهِ، وَإِنَّ الْعَجَبَ مِنْ هَذِهِ السُّنَّةُ الَّتِي لَا يُعْرَفُ لَهَا رَاوٍ مِنْ النَّاسِ، لَا مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحَةٍ وَلَا سَقِيمَةٍ. وَالْخِلَافُ فِيهَا أَشْهَرُ مِنْ ذَلِكَ. كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ عَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، بَلْ إنَّمَا رُوِيَ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَالنَّخَعِيِّ. وَقَدْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ، وَمَالِكٌ مَعَهُمْ فِي جُمْلَتِهِمْ، وَهَؤُلَاءِ: عَلَى أَنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ مَمْلُوكٌ لِسَيِّدِ أُمِّهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدَ الرَّجُلِ مِنْ أَمَتِهِ الصَّحِيحَةِ الْمِلْكِ، فَإِنَّهُ حُرٌّ، وَالْفَاسِدَةِ الْمِلْكِ، فَإِنَّهُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ حُرٌّ، وَعَلَى أَبِيهِ قِيمَتُهُ أَوْ فِدَاؤُهُ. وَلَا تَخْلُو أُمُّ وَلَدِ الْعَبْدِ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَهُ، فَوَلَدُهَا لَهُ إمَّا حُرٌّ، وَإِمَّا مَمْلُوكٌ فَتُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ، أَوْ لَا تُعْتَقُ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ لِسَيِّدِهِ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ وَطْءُ أَمَةِ غَيْرِهِ إلَّا بِالزَّوَاجِ، وَإِلَّا فَهُوَ زِنًا، وَالْوَلَدُ غَيْرُ لَاحِقٍ إذَا عَلِمَ أَنَّهَا أَمَةُ غَيْرِهِ، وَلَا سَبِيلَ إلَى ثَالِثٍ، وَلَيْسَ فِي الْبَاطِلِ، وَالْكَلَامُ الْمُتَنَاقِضُ الَّذِي يُفْسِدُ بَعْضُهُ بَعْضًا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تَكُونَ أَمَةً لِلْعَبْدِ لَا يَحِلُّ لِلسَّيِّدِ وَطْؤُهَا إلَّا أَنْ يَنْتَزِعَهَا، وَيَكُونُ وَلَدُهَا لِسَيِّدِ أَبِيهِ مَمْلُوكًا، هَذَا عَجَبٌ لَا نَظِيرَ لَهُ - وَلَا أَصْلَ لَهُ. فَبَطَلَ هَذَا الْقَوْلُ لِظُهُورِ فَسَادِهِ. وَأَعْجَبُ مِنْهُ مَنْعُهُ عِتْقَ أُمِّ وَلَدِهِ وَهُوَ حُرٌّ وَهِيَ أَمَتُهُ مِنْ أَجْلِ جَنِينِهَا، وَهُمْ يُجِيزُونَ عِتْقَ الْجَنِينِ دُونَ أُمِّهِ وَهُمَا لِوَاحِدٍ، فَمَا الْمَانِعُ مِنْ عِتْقِ أُمِّهِ دُونَهُ وَهُمَا لِاثْنَيْنِ.