إذْ لَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِكَيْفِيَّةِ إبْطَالِهِ فِي ذَلِكَ أَصْلًا، فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ عَقْدٍ صَحِيحٍ أَصْلًا، إلَّا حَيْثُ جَاءَ نَصٌّ بِذَلِكَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ
1673 - مَسْأَلَةٌ: وَجَائِزٌ لِلْمُسْلِمِ عِتْقُ عَبْدِهِ الْكِتَابِيِّ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ وَأَرْضِ الْحَرْبِ - مَلِكَهُ هُنَالِكَ أَوْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ - لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فِي كُلِّ ذِي كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» .
وَلِحَضِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى الْعِتْقِ جُمْلَةً، إلَّا أَنَّ عِتْقَ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ أَجْرًا، وَكَذَلِكَ عِتْقُ الْكَافِرِ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ جَائِزٌ، وَقَدْ ذَكَرْنَا «قَوْلَ حَكِيمٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ عَتَاقَةٍ وَصَدَقَةٍ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَسْلَمْتَ عَلَى مَا أَسْلَفْتَ مِنْ خَيْرٍ» فَجَعَلَ عِتْقَ الْعَبْدِ الْكَافِرِ خَيْرًا.
فَإِنْ أَسْلَمَ الْمُعْتَقُ وَرِثَهُ سَيِّدُهُ الْمُسْلِمُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَسْلَمَ الْمُعْتِقُ وَالْمُعْتَقُ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِلْمُعْتِقِ عُمُومًا، قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ كَافِرًا لَمْ يَتَوَارَثَا، لِاخْتِلَافِ الدِّينِ.
1674 - مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ كَانَ لِلذِّمِّيِّ أَوْ الْحَرْبِيِّ عَبْدٌ كَافِرٌ فَأَسْلَمَا مَعًا فَهُوَ عَبْدُهُ، كَمَا كَانَ، فَلَوْ أَسْلَمَ الْعَبْدُ قَبْلَ سَيِّدِهِ بِطَرْفَةِ عَيْنٍ فَهُوَ حُرٌّ سَاعَةَ يُسْلِمُ، وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] وَالرِّقُّ أَعْظَمُ السَّبِيلِ.
وَقَدْ وَافَقَنَا الْمُخَالِفُونَ لَنَا عَلَى أَنَّهُ إنْ خَرَجَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ حُرٌّ، وَمَا نَدْرِي لِلْخُرُوجِ فِي ذَلِكَ حُكْمًا، لَا بِنَصٍّ وَلَا بِنَظَرٍ.
فَإِنْ قِيلَ: أَعْتَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ خَرَجَ إلَيْهِ مِنْ عَبِيدِ الْكُفَّارِ.