[الْأَحْبَاسُ] [مَسْأَلَةٌ أَحْكَام الْوَقْفُ]
ُ 1654 - مَسْأَلَةٌ: وَالتَّحْبِيسُ - وَهُوَ الْوَقْفُ - جَائِزٌ فِي الْأُصُولِ مِنْ الدُّور وَالْأَرْضِينَ بِمَا فِيهَا مِنْ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ إنْ كَانَتْ فِيهَا، وَفِي الْأَرْحَاءِ، وَفِي الْمَصَاحِفِ، وَالدَّفَاتِرِ.
وَيَجُوزُ أَيْضًا فِي الْعَبِيدِ، وَالسِّلَاحِ، وَالْخَيْلِ، فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْجِهَادِ فَقَطْ، لَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ - وَلَا يَجُوزُ فِي شَيْءٍ غَيْرِ مَا ذَكَرْنَا أَصْلًا، وَلَا فِي بِنَاءٍ دُونَ الْقَاعَةِ.
وَجَائِزٌ لِلْمَرْءِ أَنْ يَحْبِسَ عَلَى مَنْ أَحَبَّ، أَوْ عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ عَلَى مَنْ شَاءَ - وَخَالَفْنَا فِي هَذَا قَوْمٌ -: فَطَائِفَةٌ أَبْطَلَتْ الْحَبْسَ مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَطَائِفَةٌ قَالَتْ: لَا حَبْسَ إلَّا فِي سِلَاحٍ، أَوْ كُرَاعٍ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -
وَطَائِفَةٌ أَجَازَتْ الْحَبْسَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَفِي الثِّيَابِ، وَالْعَبِيدِ، وَالْحَيَوَانِ، وَالدَّرَاهِمِ، وَالدَّنَانِيرِ - وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
وَأَتَى أَبُو حَنِيفَةَ بِقَوْلٍ خَالَفَ فِيهِ كُلَّ مَنْ تَقَدَّمَ وَالسُّنَّةَ وَالْمَعْقُولَ فَقَالَ: الْحَبْسُ جَائِزٌ فِي الصِّحَّةِ، وَفِي الْمَرَضِ، إلَّا أَنَّ لِلْمُحْبِسِ إبْطَالُهُ مَتَى شَاءَ، وَبَيْعُهُ وَارْتِجَاعُهُ بِنَقْضِ الْحَبْسِ الَّذِي عَقَدَ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ بَعْدَ الْمَوْتِ أَيْضًا، وَهَذَا أَشْهَرُ أَقْوَالِهِ - وَرُوِيَ عَنْهُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا عَنْهُ أَيَجُوزُ لِلْوَرَثَةِ إبْطَالُهُ - وَهَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ عَنْهُ - أَمْ لَا يَجُوزُ؟ وَهَذَا قَوْلٌ يَكْفِي إيرَادُهُ مِنْ فَسَادِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ بِهِ سُنَّةٌ، وَلَا أَيَّدَهُ قِيَاسٌ، وَلَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ، وَتَفْرِيقٌ فَاسِدٌ - فَسَقَطَ جُمْلَةً.
وَأَمَّا الْقَوْلُ الْمَرْوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ: فَإِنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عَنْ أَحَدٍ