وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ - فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْجَهْمِ نا إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ هُوَ ابْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ - نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ نا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَعْتَصِرُ الرَّجُلُ مِنْ وَلَدِهِ مَا أَعْطَاهُ، مَا لَمْ يَمُتْ، أَوْ يَسْتَهْلِك، أَوْ يَقَعُ فِيهِ دَيْنٌ.
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْجَهْمِ نا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي نا أَبُو ثَابِتٍ الْمَدِينِيُّ ني ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ مُوسَى بْنَ سَعْدٍ حَدَّثَهُ أَنَّ سَعْدًا مَوْلَى الزُّبَيْرِ نَحَلَ ابْنَتَهُ جَارِيَةً فَلَمَّا تَزَوَّجَتْ أَرَادَ ارْتِجَاعَهَا فَقَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنَّ الْوَالِدَ يَعْتَصِرُ مَا دَامَ يَرَى مَالَهُ، مَا لَمْ يَمُتْ صَاحِبُهَا فَتَقَعُ فِي مِيرَاثٍ أَوْ تَكُونُ امْرَأَةً تُنْكَحُ، ثُمَّ تَلَاهُ عُثْمَانُ عَلَى ذَلِكَ.
وَرُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا وَهَبَ لِابْنِهِ نَاقَةً فَرَجَعَ فِيهَا، فَرَفَعَ ذَلِكَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَرَدَّهَا عَلَيْهِ بِعَيْنِهَا، وَجَعَلَ نَمَاهَا لِابْنِهِ.
قَالُوا: فَهَذَا عَمَلُ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَدْ ذَكَرْنَا عَنْ عُمَرَ، وَابْنِهِ، بِأَصَحَّ مِنْ هَذَا السَّنَدِ رُجُوعُ الْمَرْءِ فِيمَا وَهَبَ مَا لَمْ يُثَبْ إلَّا لِذِي رَحِمٍ.
وَعَنْ عُثْمَانَ مِثْلُهُ فَمَا الَّذِي جَعَلَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ أَوْلَى مِنْ تِلْكَ؟ فَكَيْفَ وَقَدْ خَالَفُوا هَذِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: إنَّمَا لِلْأَبِ الِارْتِجَاعُ فِي ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ فَقَطْ، وَلَيْسَ هَذَا فِيمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَيَقُولُونَ: لَيْسَ لِلْأَبِ الِارْتِجَاعُ فِيمَا وَهَبَ ابْنَهُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ هَذَا فِيمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَحَاشَا لَهُمَا: أَنْ يُجِيزَا هِبَةً لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ لِلَّهِ فَهِيَ لِلشَّيْطَانِ.
فَحَصَلَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، لَا حُجَّةَ لَهُمَا أَصْلًا، وَمُخَالِفًا لِكُلِّ مَا أَظْهَرُوا أَنَّهُمْ تَعَلَّقُوا بِهِ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.
1632 - مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ تَغَيَّرَتْ الْهِبَةُ عِنْدَ الْوَلَدِ حَتَّى يَسْقُطَ عَنْهَا الِاسْمُ، أَوْ خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ، أَوْ مَاتَ، أَوْ صَارَتْ لَا يَحِلُّ تَمَلُّكُهَا فَلَا رُجُوعَ لِلْأَبِ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا إذَا تَغَيَّرَتْ فَهِيَ غَيْرُ مَا جَعَلَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرُّجُوعَ فِيهِ، وَإِذَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ، أَوْ مَاتَ، فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى مَنْ