المحلي بالاثار (صفحة 3264)

كتاب الهبات

مسألة لا تجوز الهبة إلا في موجود معلوم معروف القدر والصفات والقيمة

[كِتَابُ الْهِبَاتِ] [مَسْأَلَةٌ لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ إلَّا فِي مَوْجُودٍ مَعْلُومٍ مَعْرُوفِ الْقَدْرِ وَالصِّفَاتِ وَالْقِيمَةِ]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ كِتَابُ الْهِبَاتِ 1626 - مَسْأَلَةٌ: لَا تَجُوزُ هِبَةٌ إلَّا فِي مَوْجُودٍ، مَعْلُومٍ، مَعْرُوفِ الْقَدْرِ، وَالصِّفَاتِ، وَالْقِيمَةِ، وَإِلَّا فَهِيَ بَاطِلٌ مَرْدُودَةٌ.

وَكَذَلِكَ مَا لَمْ يُخْلَقْ بَعْدُ كَمَنْ وَهَبَ مَا تَلِدُ أَمَتُهُ، أَوْ شَاتُه، أَوْ سَائِرُ حَيَوَانِهِ، أَوْ مَا يَحْمِلُ شَجَرُهُ الْعَامَ - وَهَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ لَيْسَ شَيْئًا، وَلَوْ كَانَ شَيْئًا لَكَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَزَلْ وَالْأَشْيَاءَ مَعَهُ - وَهَذَا كُفْرٌ مِمَّنْ قَالَهُ.

وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْعَطِيَّةُ يَقْتَضِي كُلُّ ذَلِكَ مَوْهُوبًا وَمُتَصَدَّقًا، فَمَنْ أَعْطَى مَعْدُومًا أَوْ تَصَدَّقَ بِمَعْدُومٍ فَلَمْ يُعْطِ شَيْئًا، وَلَا وَهَبَ شَيْئًا، وَلَا تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ.

وَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ كُلَّ مَا ذَكَرْنَا فَلَا يَلْزَمُهُ حُكْمٌ - وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْوَالَ النَّاسِ إلَّا بِطِيبِ أَنْفُسِهِمْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَطِيبَ النَّفْسُ عَلَى مَا لَا تَعْرِفُ صِفَاتِهِ وَلَا مَا هُوَ، وَلَا مَا قَدْرُهُ، وَلَا مَا يُسَاوِي، وَقَدْ تَطِيبُ نَفْسُ الْمَرْءِ غَايَةَ الطِّيبِ عَلَى بَذْلِ الشَّيْءِ وَبَيْعِهِ، وَلَوْ عَلِمَ صِفَاتِهِ وَقَدْرِهِ وَمَا يُسَاوِي لَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ بِهِ - فَهَذَا أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ فَهُوَ حَرَامٌ لَا يَحِلُّ.

وَكَذَلِكَ مَنْ أَعْطَى أَوْ تَصَدَّقَ بِدِرْهَمٍ مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ أَوْ بِرِطْلٍ مِنْ هَذَا الدَّقِيقِ، أَوْ بِصَاعٍ مِنْ هَذَا الْبُرِّ، فَهُوَ كُلُّهُ بَاطِلٌ لِمَا ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوقِعْ صَدَقَتَهُ، وَلَا هِبَتَهُ، عَلَى مَكِيلٍ بِعَيْنِهِ، وَلَا مَوْزُونٍ بِعَيْنِهِ، وَلَا مَعْدُودٍ بِعَيْنِهِ، فَلَمْ يَهَبْ وَلَا تَصَدَّقَ أَصْلًا.

وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِمَنْ لَا يَدْرِي، وَلَا لِمَنْ لَمْ يُخْلَقْ، لِمَا ذَكَرْنَا، وَأَمَّا الْحَبْسُ فَبِخِلَافِ هَذَا كُلِّهِ لِلنَّصِّ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015