أَشْيَاءُ فِي أَضْعَافِ تِلْكَ الْمُدَدِ، فَكُلُّ ذَلِكَ شَرْعٌ لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، وَلَا أَوْجَبَتْهُ سُنَّةٌ، وَلَا رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ، وَلَا قِيَاسٌ وَلَا قَوْلٌ مُتَقَدِّمٌ، وَلَا رَأْيٌ لَهُ وَجْهٌ.
وَلَيْتَ شِعْرِي مَا قَوْلُهُمْ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِأَجْنَبِيٍّ فَمَاتَ فِي أَمَدِ الْخِيَارِ: أَيَقُومُ وَرَثَتُهُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا، تَنَاقَضُوا، وَجَعَلُوا الْخِيَارَ مَرَّةً يُوَرَّثُ، وَمَرَّةً لَا يُوَرَّثُ وَإِنْ قَالُوا: نَعَمْ؟ قُلْنَا: فَلَعَلَّهُمْ صِغَارٌ، أَوْ سُفَهَاءُ، أَوْ غُيَّبٌ، أَوْ لَا وَارِثَ لَهُ فَيَكُونَ الْخِيَارُ لِلْإِمَامِ، أَوْ لِمَنْ شَاءَ اللَّهُ، إنَّ هَذِهِ لَعَجَائِبُ؟ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجُوزُ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا وَلَهُمَا مَعًا، وَلَا يَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ - وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي التَّبَايُعِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِأَجْنَبِيٍّ؟ فَمَرَّةً أَجَازَهُ، وَمَرَّةً أَبْطَلَ الْبَيْعَ بِهِ، إلَّا عَلَى مَعْنَى الْوَكَالَةِ.
وَالنَّقْدُ جَائِزٌ عِنْدَهُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ، فَإِنْ مَاتَ الَّذِي لَهُ الْخِيَارُ فَوَرَثَتُهُ يَقُومُونَ مَقَامَهُ، فَإِنْ تَلِفَ الشَّيْءُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا مَعًا: فَعَلَى الْمُشْتَرِي ضَمَانُ الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَدْ لَزِمَهُ الْبَيْعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي ذَكَرَا - وَلِلَّذِي لَهُ الْخِيَارُ عِنْدَهُ أَنْ يَرُدَّ وَأَنْ يَرْضَى بِغَيْرِ مَحْضَرِ الْآخَرِ وَبِمَحْضَرِهِ.
وَاحْتَجَّ هُوَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: فِي أَنَّ الْخِيَارَ لَا يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ بِخَبَرِ الْمُصَرَّاةِ - وَبِخَبَرِ الَّذِي كَانَ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ فَجَعَلَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخِيَارَ ثَلَاثًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَقُولَ إذَا بَاعَ: لَا خِلَابَةَ.
وَاحْتَجَّ الْحَنَفِيُّونَ فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْحُذَافِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ شُرُوسٍ، أَخْبَرَنِي حَفْصُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْكُوفِيُّ، أَخْبَرَنِي أَبَانُ عَنْ أَنَسٍ: «أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى بَعِيرًا وَاشْتَرَطَ الْخِيَارَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، فَأَبْطَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَيْعَ وَقَالَ: إنَّمَا الْخِيَارُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ» قَالَ الْحُذَافِيُّ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ نا رَجُلٌ سَمِعَ أَبَانًا يَقُولُ: عَنْ الْحَسَنِ «اشْتَرَى رَجُلٌ وَجَعَلَ الْخِيَارَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: الْبَيْعُ مَرْدُودٌ وَإِنَّمَا الْخِيَارُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَمَّا احْتِجَاجُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ: بِحَدِيثِ مُنْقِذٍ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ لَهُ الْخِيَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِيمَا اشْتَرَى؟ فَعَجَبٌ عَجِيبٌ جِدًّا أَنْ يَكُونَا أَوَّلَ مُخَالِفٍ لِهَذَا